كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

تَرَى إِلَى هَذَا فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ يَا بُرَيْدَةُ أَتُبْغِضُ عَلِيًّا فَقُلْتُ نَعَمْ
قَالَ لَا تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (وَتَعَاقَدَ) أَيْ تَعَاهَدَ (وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا رَجَعُوا مِنْ سَفَرٍ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ قَالَ عِمْرَانُ وَكُنَّا إِذَا قَدِمْنَا مِنْ سَفَرٍ بَدَأْنَا بِرَسُولِ الله (إِلَى رِحَالِهِمْ) أَيْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ (فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الرَّابِعِ (وَالْغَضَبُ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَقَدْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ (مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيٍّ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ دَعُوا عَلِيًّا دَعُوا عَلِيًّا (إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ) أَيْ فِي النَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَزَايَا وَلَمْ يُرِدْ مَحْضَ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا فَجَعْفَرٌ شَرِيكُهُ فِيهَا
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شرح قوله فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي اتِّحَادِ طَرِيقَتِهِمَا وَاتِّفَاقِهِمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى
تَنْبِيهٌ احتج الشيعة بقوله إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ رسول الله جَعَلَ عَلِيًّا مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ
قُلْتُ زَعْمُهُمْ هَذَا بَاطِلٌ جِدًّا فإنه ليس معنى قوله إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَقِيقَةً بَلْ مَعْنَاهُ هُوَ مَا قَدْ عَرَفْتَ آنِفًا وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ في غير علي فباطل أيضا فإنه قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَفِي حَدِيثِ أَبِي برزة أن النبي كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قتلوه
فأتى النبي فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ الْأَشْعَرِيِّينَ
فَفِي حَدِيثِ أبي موسى قال قال رسول الله إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرَمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا منهم
رواه مسلم

الصفحة 145