كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

ضَرَرِي فِي نَظَرِي (قَالَ إِنْ شِئْتَ) أي اخترت الدعاء (دعوت) أي لك (وإن شِئْتَ) أَيْ أَرَدْتَ الصَّبْرَ وَالرِّضَا (فَهُوَ) أَيِ الصَّبْرُ (خَيْرٌ لَكَ) فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ (قَالَ) أَيِ الرَّجُلُ (فَادْعُهُ) بِالضَّمِيرِ أَيِ ادْعُهُ اللَّهَ وَاسْأَلِ الْعَافِيَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ لِلسَّكْتِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَسْنَدَ النَّبِيُّ الدُّعَاءَ إِلَى نَفْسِهِ وَكَذَا طَلَبُ الرَّجُلُ أَنْ يدعو هو ثم أمره أن يدعو هو أي الرجل كأنه لَمْ يَرْضَ مِنْهُ اخْتِيَارَهُ الدُّعَاءَ لَمَّا قَالَ الصَّبْرُ خَيْرٌ لَكَ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ شَفِيعًا لَهُ وَوَسِيلَةً فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ مَا يُفْهَمُ أنه شَرِيكٌ فِيهِ (فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ) أَيْ يَأْتِي بِكِمَالَاتِهِ من سننه وآدابه وزاد في رواية بن مَاجَهْ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ) أَيْ أَطْلُبُكَ مَقْصُودِي فَالْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ (وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ) الْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ (مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ) أَيِ الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ) أَيِ اسْتَشْفَعْتُ بك والخطاب للنبي ففي رواية بن مَاجَهْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ (لِتُقْضَى لِي) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لِتُقْضَى لِي حَاجَتِي بِشَفَاعَتِكَ (فَشَفِّعْهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيِ اقْبَلْ شَفَاعَتَهُ (فِيَّ) أَيْ فِي حَقِّي قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَرَجَعَ وَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْ بصره وأخرجه أيضا بن ماجه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَزَادَ فِيهِ فَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَقَامَ وَقَدْ أَبْصَرَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَذَكَرَ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةً وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَاجَةٍ لَهُ وَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيَقْضِيَ حَاجَتِي وَتَذْكُرُ حَاجَتَكَ وَرُحْ إِلَيَّ حَتَّى أَرُوحَ مَعَكَ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطَّنْفَسَةِ وَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ فَقَضَاهَا لَهُ ثُمَّ قَالَ مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ
وَقَالَ مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَأْتِنَا ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِيَّ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ ولكن شهدت رسول الله فَأَتَاهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فقال له النبي أَوَ تَصْبِرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ له النبي ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ادع

الصفحة 24