كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِفُلَانًا أَيْ كَثِيرَ الْخَطَايَا (لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ) أَيْ لَمْ يُرِدْ مَعِيَّتَهمْ فِي ذِكْرٍ بَلْ جَاءَهُمْ لِحَاجَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لَهُ يُرِيدُ الْمَلَائِكَةُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَغْفِرَةَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ (هُمُ الْقَوْمُ) قَالَ الطِّيبِيُّ تَعْرِيفُ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ هُمُ الْقَوْمُ الْكَامِلُونَ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنَ السَّعَادَةِ (لَا يَشْقَى) أَيْ لَا يَصِيرُ شَقِيًّا (لَهُمْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِهِمْ أَيْ بِسَبَبِهِمْ وَبِبَرَكَتِهِمْ (جَلِيسٌ) أَيْ مُجَالِسُهُمْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ الْمُقْتَضِي لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ الْكَمَالِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ
وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالذَّاكِرِينَ وَفَضْلُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ جَلِيسَهُمْ يَنْدَرِجُ مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَتَفَضَّلُ تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِمْ إِكْرَامًا لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي أَصْلِ الذكر
وفيه محبة الملائكة لبني ادم واعتنائهم بِهِمْ وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَالَ قَدْ يَصْدُرُ مِنَ السَّائِلِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ مِنَ الْمَسْئُولِ لِإِظْهَارِ الْعِنَايَةِ بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ وَالتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ وَالْإِعْلَانِ بِشَرَفِ مَنْزِلَتِهِ
وَقِيلَ إِنَّ فِي خُصُوصِ سُؤَالِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ عَنْ أَهْلِ الذِّكْرِ الْإِشَارَةَ إِلَى قَوْلِهِمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فَكَأَنَّهُ قِيلَ انْظُرُوا إِلَى مَا حَصَلَ مِنْهُمْ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ مَعَ مَا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَكَيْفَ عَالَجُوا ذَلِكَ وَضَاهَوْكُمْ فِي التَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان
6 - [3601] قَوْلُهُ (هِشَامِ بْنِ الْغَازِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بن رَبِيعَةَ الْجُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ السَّابِعَةِ قَوْلُهُ (فَإِنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ (مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ) أَيْ مِنْ ذَخَائِرِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ مُحَصِّلَاتِ نَفَائِسِ الْجَنَّةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهَا يُحَصِّلُ ثَوَابًا نَفِيسًا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْجَنَّةِ (قَالَ مَكْحُولٌ) أَيْ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (وَلَا مَنْجَا) بِالْأَلِفِ أَيْ لَا مَهْرَبَ وَلَا مَخْلَصَ (مِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ سَخَطِهِ وَعُقُوبَتِهِ (إِلَّا إِلَيْهِ) أَيْ بِالرُّجُوعِ إِلَى رِضَاهُ وَرَحْمَتِهِ (كَشَفَ) أَيِ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْمِشْكَاةِ كَشَفَ اللَّهُ (سَبْعِينَ بَابًا) أَيْ نَوْعًا (مِنَ الضُّرِّ) بِضَمِّ الضَّادِ وَتُفْتَحُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ وَالتَّكْثِيرَ (أَدْنَاهُنَّ الْفَقْرُ) أَيْ أَحَطُّ

الصفحة 44