كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فضلة من ماء فجاؤوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ (وَالْبَرَكَةُ مِنَ السَّمَاءِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ قَالَ الْحَافِظُ الْبَرَكَةُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِيجَادَ مِنَ اللَّهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ

4 - (بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ الْإِعْلَامُ فِي خَفَاءٍ وَفِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ إِعْلَامُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْبِيَاءَهُ الشَّيْءَ إِمَّا بِكِتَابٍ أَوْ بِرِسَالَةِ مَلَكٍ أَوْ مَنَامٍ أَوْ إلهام وقد يجيء بمعنى الأمر نحو وإذ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي وبمعنى التسخير نحو وأوحى ربك إلى النحل أَيْ سَخَّرَهَا لِهَذَا الْفِعْلِ وَهُوَ اتِّخَاذُهَا مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا إِلَى آخِرِهِ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِالْإِلْهَامِ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هِدَايَتُهَا لِذَلِكَ وإلا فالإلهام حقيقة إنما يكون لعاقل والإشارة نَحْوُ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُوحَى كَالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إن هو إلا وحي يوحى قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَقَعُ الْوَحْيُ عَلَى الْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْإِلْهَامِ وَالْكَلَامِ الْخَفِيِّ يُقَالُ وَحَيْتُ إِلَيْهِ الْكَلَامَ وَأَوْحَيْتُ انْتَهَى
[3634] قَوْلُهُ (أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامِ) بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ أَخُو أَبِي جَهْلٍ شَقِيقُهُ وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ اسْتُشْهِدَ بِالشِّامِ فِي خِلَافَةِ عمر (سأل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ حَضَرَتْ ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ مُسْنَدِهَا وَأَنْ يَكُونَ الْحَارِثُ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ مَحْكُومٌ بِوَصْلِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ صِفَةَ الْوَحْيِ نَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ حَامِلِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَإِسْنَادُ الْإِتْيَانِ إِلَى الْوَحْيِ مَجَازٌ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ حَقِيقَةٌ مِنْ وَصْفِ حَامِلِهِ (أَحْيَانًا) جَمْعُ حِينَ يُطْلَقُ عَلَى كَثِيرِ الْوَقْتِ وَقَلِيلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُجَرَّدُ الْوَقْتِ أَيْ أَوْقَاتًا وَهُوَ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَعَامِلُهُ يَأْتِينِي مُؤَخَّرٌ عَنْهُ (يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ) أَيْ يَأْتِينِي الْوَحْيُ إِتْيَانًا مِثْلَ صَوْتِ الْجَرَسِ أو مشابها

الصفحة 78