كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 10)

25 - باب [3649] قوله (حدثنا الليث) هو بن سَعْدٍ (عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ
قَوْلُهُ (عُرِضَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُظْهِرَ (عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَذَلِكَ إِمَّا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أَوْ فِي السماوات كما يدل عليه حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ الْحَدِيثَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ فِي وَصْفِهِمْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي رِوَايَةِ أَبِي العالية عن بن عباس وفي رواية بن الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ التَّلْبِيَةِ
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَحُجُّونَ وَيُلَبُّونَ وَهُمْ أَمْوَاتٌ وَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَيْسَتْ دَارَ عَمَلٍ قُلْنَا عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنَ الشُّهَدَاءِ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ فَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُصَلُّوا وَيَحُجُّوا وَيَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَاعُوا مَا دَامَتِ الدُّنْيَا وَهِيَ دَارُ تَكْلِيفٍ بَاقِيَةٌ ثَانِيهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ حَالَهُمُ الَّتِي كَانُوا فِي حَيَاتِهِمْ عَلَيْهَا فَمَثَّلُوا لَهُ كَيْفَ كَانُوا وَكَيْفَ كَانَ حَجُّهُمْ وَتَلْبِيَتُهُمْ وَلِهَذَا قَالَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي العالية عن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ عَمَّا أُوْحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فَلِهَذَا أُدْخِلَ حَرْفُ التَّشْبِيهِ فِي الرِّوَايَةِ وَحَيْثُ أَطْلَقَهَا فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ (فَإِذَا مُوسَى ضَرْبٌ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ نَحِيفٌ خَفِيفُ اللَّحْمِ (كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ثُمَّ هَاءُ تَأْنِيثٍ حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ يُنْسَبُونَ إِلَى شَنُوءَةَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَضْرِ بْنِ الْأَزْدِ وَلُقِّبَ شَنُوءَةَ لِشَنَآنٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ شَنُوئِيٌّ بِالْهَمْزِ بعد الواو وبالهمز بغير واو
قال بن قُتَيْبَةَ سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ فِيهِ شنوه أي تقززة وَالتَّقَزُّزُ بِقَافٍ وَزَايَيْنِ التَّبَاعُدُ مِنَ الْأَدْنَاسِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ رِجَالُ الْأَزْدِ مَعْرُوفُونَ بِالطُّولِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (شَبَهًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ نَظِيرًا (عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ) الثَّقَفِيَّ وَلَيْسَ هَذَا أَخًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ هُذَلِيٌّ (وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ الخليل عليه السلام (يعني نفسه) هذا تفسير لقوله صاحبكم من كَلَامُ الرَّاوِي أَيْ يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ صَاحِبُكُمْ

الصفحة 92