كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 10)

[3924] (فِيهَا عَدَدُنَا) أَيْ أَهْلُونَا (فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ إِلَخْ) وَالْمَعْنَى أَنَتْرُكُهَا وَنَتَحَوَّلُ إِلَى غَيْرِهَا أَوْ هَذَا مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (ذَرُوهَا ذَمِيمَةً) أَيِ اتْرُكُوهَا مَذْمُومَةً فَعِيلَةً بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ قاله بن الْأَثِيرِ
وَالْمَعْنَى اتْرُكُوهَا بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا حَالَ كَوْنِهَا مَذْمُومَةً لِأَنَّ هَوَاءَهَا غَيْرُ مُوَافِقٍ لَكُمْ
قَالَ الْأَرْدُبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ أَيْ ذَرُوهَا وَتَحَوَّلُوا عَنْهَا لِتَخْلُصُوا عَنْ سُوءِ الظَّنِّ وَرُؤْيَةِ الْبَلَاءِ مِنْ نزول تلك الدار انتهى
قال الخطابي وبن الْأَثِيرِ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا إِبْطَالًا لِمَا وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ إِنَّمَا أَصَابَهُمْ بِسَبَبِ السُّكْنَى فَإِذَا تَحَوَّلُوا عَنْهَا انْقَطَعَتْ مَادَّةُ ذَلِكَ الْوَهْمِ وَزَالَ عَنْهُمْ مَا خَامَرَهُمْ مِنَ الشُّبْهَةِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[3925] (أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ) قَالَ الْأَرْدُبِيلِيُّ الْمَجْذُومُ الَّذِي وضع رسول الله أَوْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ وَأَكَلَ مَعَهُ هُوَ مُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ (فِي الْقَصْعَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَفِيهِ غَايَةُ التَّوَكُّلِ مِنْ جِهَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا الْأَخْذُ بِيَدِهِ وَثَانِيَتُهُمَا الْأَكْلُ مَعَهُ
وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ كُلْ مَعَ صَاحِبِ الْبَلَاءِ تَوَاضُعًا لِرَبِّكَ وَإِيمَانًا (كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْوُثُوقِ كَالْعِدَةِ وَالْوَعْدِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ كُلْ مَعِي أَثِقْ ثِقَةً بِاللَّهِ أَيْ اعْتِمَادًا بِهِ وَتَفْوِيضًا لِلْأَمْرِ إِلَيْهِ (وَتَوَكُّلًا) أَيْ وَأَتَوَكَّلُ تَوَكُّلًا (عَلَيْهِ) وَالْجُمْلَتَانِ حَالَانِ ثَانِيَتُهُمَا مُؤَكِّدَةٌ لِلْأُولَى كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْأَرْدُبِيلِيُّ قَالَ البيهقي أخذه بيد المجذوم ووضعها في القصعة وأكل مَعَهُ فِي حَقِّ مَنْ يَكُونُ حَالُهُ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَتَرْكَ الِاخْتِيَارِ فِي مَوَارِدِ الْقَضَاءِ
وقوله وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ وأمره فِي مَجْذُومِ بَنِي ثَقِيفٍ

الصفحة 300