كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 10)

وَفِي النَّيْلِ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صحة العتق المعلق على شرط
قال بن رُشْدٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ سِنِينَ أَنَّهُ لَا يتم عتقه إلا بخدمته
قال بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي هذا فكان بن سِيرِينَ يُثْبِتُ الشَّرْطَ فِي مِثْلِ هَذَا وَسُئِلَ عَنْهُ أَحْمَدُ فَقَالَ يَشْتَرِي هَذِهِ الْخِدْمَةَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ قِيلَ لَهُ يَشْتَرِي بِالدِّرْهَمِ قَالَ نَعَمْ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَا بَأْسَ بِأَسْنَادِهِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ أَبُو حَفْصٍ الْأَسْلَمِيُّ الْبَصْرِيُّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ انْتَهَى

([3933] بَاب فيمن أعتق نصيبا له عن مَمْلُوكٍ)
(أَبُو الْوَلِيدِ) الطَّيَالِسِيُّ فِي إِسْنَادِهِ (عَنْ أَبِيهِ) وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ مُرْسَلًا (شِقْصًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ سَهْمًا وَنَصِيبًا مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا قَالَ السُّيُوطِيُّ شِقْصًا أَوْ شَقِيصًا كِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ النَّصِيبُ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (فَذُكِرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ إِعْتَاقِ شِقْصٍ (لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ) أَيِ الْعِتْقُ لِلَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ كُلُّهُ وَلَا يَجْعَلَ نَفْسَهُ شَرِيكًا لِلَّهِ تَعَالَى (فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ) أَيْ حَكَمَ بِعِتْقِهِ كُلِّهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّ السَّيِّدَ وَالْمَمْلُوكَ فِي كَوْنِهِمَا مَخْلُوقَيْنِ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ وَجَعَلَهُ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ تَمْتِيعًا فَإِذَا رَجَعَ بَعْضُهُ إِلَى الْأَصْلِ سَرَى بِالْغَلَبَةِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ إِذْ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ مَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ انْتَهَى
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتِقَ جَمِيعَ عَبْدِهِ فَإِنَّ الْعِتْقَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ فَيَكُونُ أَمْرُ سَيِّدِهِ نَافِذًا فِيهِ بَعْدُ فَهُوَ كَشَرِيكٍ لَهُ تَعَالَى صُورَةٍ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَلَفْظُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِنَا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكِهِ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ خَلَاصَهُ عَلَيْهِ فِي ماله وقال ليس لله عزوجل شَرِيكٌ
وَفِي لَفْظٍ لَهُ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ انْتَهَى

الصفحة 317