كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 10)

الْعِتْقُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ بَلْ تَبْقَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ عَلَى حَالِهَا وَهِيَ الرِّقُّ ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي عِتْقِ بَقِيَّتِهِ فَيُحَصِّلُ ثَمَنَ الْجُزْءِ الَّذِي لِشَرِيكِ سَيِّدِهِ وَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَيَعْتِقُ وَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لِقَوْلِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ بِأَنْ يُكَلَّفَ الْعَبْدُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ عند الجمهور لأنها غير واجبة فهده مِثْلُهَا وَإِلَى هَذَا الْجَمْعِ مَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى الرِّقُّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إِذَا لَمْ يَخْتَرِ الْعَبْدُ الِاسْتِسْعَاءَ فَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
وَحَدِيثُ سَمُرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شقصا له في مملوك فقال النبي هُوَ كُلُّهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ غَنِيًّا أَوْ عَلَى مَا إِذَا كَانَ جَمِيعُهُ لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مِلْقَامِ بْنِ التَّلِبِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ النَّبِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِلَّا لَتَعَارَضَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[3948] (عَنِ بن التَّلِبِّ) اسْمُهُ مِلْقَامٌ
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مِلْقَامٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ ثُمَّ قَافٍ وَيُقَالُ بالهاء بدل الميم بن التَّلِبِّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ مَسْتُورٌ مِنَ الْخَامِسَةِ انْتَهَى
قَالَ المنذري وبن التَّلِبِّ اسْمُهُ مِلْقَامٌ وَيُقَالُ فِيهِ هِلْقَامٌ وَأَبُوهُ يُكَنَّى أَبَا الْمِلْقَامِ قَالَ النَّسَائِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِلْقَامُ بْنُ التَّلِبِّ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ انْتَهَى
وَفِي الْإِصَابَةِ التَّلِبُّ بْنُ ثَعْلَبَةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَأَحَادِيثُ رَوَى لَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَقَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُ رسول الله ثَلَاثًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ وَقِيلَ ثَقِيلَةٌ انْتَهَى وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ فِي الْفَتْحِ (عَنْ أَبِيهِ) التَّلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ (فَلَمْ يُضَمِّنْهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُضَمَّنْ وَبَقِيَ الشِّقْصُ مَمْلُوكًا انْتَهَى وَتَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْحَافِظِ أَيْضًا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْسِرِ

الصفحة 339