كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 10)

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لجهنم كثيرا من الجن والإنس قال ولد الزنى مِمَّا ذُرِئَ لِجَهَنَّمَ وَكَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ غُلَامًا فَوَجَدَهُ وَلَدَ زِنًا فَإِنَّ لَهُ أَنْ يرده بالعيب فأما قول بن عُمَرَ إِنَّهُ خَيْرُ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّمَا وَجْهُهُ أَنْ لَا إِثْمَ لَهُ فِي الذَّنْبِ بَاشَرَهُ وَالِدَاهُ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهُمَا لِبَرَاءَتِهِ مِنْ ذُنُوبِهِمَا
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ قَالَ بَلَغَ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول ولد الزنى شَرُّ الثَّلَاثَةِ قَالَتْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُؤْذِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ من يعذرني من فلان فقيل يارسول اللَّهِ إِنَّهُ مَعَ مَا بِهِ وَلَدُ زِنًا فَقَالَ هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي السَّفَرُ بْنُ بَشِيرٍ الْأَسَدِيُّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال ولد الزنى شَرُّ الثَّلَاثَةِ أَنَّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَا وَلَمْ يُسْلِمْ هُوَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ شَرُّ الثَّلَاثَةِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا مُرْسَلٌ
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولد الزنى شَرُّ الثَّلَاثَةِ إِذَا عَمِلَ عَمَلَ أَبَوَيْهِ
وَفِي معجم الطبراني من حديث بن عباس مرفوعا مثله
وفي سننن الْبَيْهَقِيِّ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِنَّمَا سَمَّى وَلَدَ الزنى شَرَّ الثَّلَاثَةِ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لَهُ لَسْتُ لِأَبِيكَ الَّذِي تُدْعَى لَهُ فَقَتَلَهَا فَسُمِّيَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
(لَأَنْ أُمَتِّعَ) صِيغَةُ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْرُوفِ مِنَ التَّفْعِيلِ يُقَالُ مَتَّعْتُهُ بِالتَّثْقِيلِ أَيْ أَعْطَيْتُهُ وَمِنْهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَمَتَّعَ بِوَلِيدَةٍ أَيْ أَعْطَاهَا أَمَةً وَالْمَعْنَى أَيْ لَأَنْ أُعْطِيَ بِسَوْطٍ (أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ زِنْيَةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الزَّايِ أَيْضًا لُغَةٌ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ زِنْيَةٌ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ هُوَ وَلَدُ رِشْدَةٍ أَيْ بِكَسْرِ الراء
قال بن السِّكِّيتِ زِنْيَةٌ وَغِيَّةٌ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالزِّنَا بِالْقَصْرِ انْتَهَى
قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَيُقَالُ لِلْوَلَدِ إِذَا كان من زنا هو لزنية وعند بن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سئل عن ولد الزنى فَقَالَ نَعْلَانِ أُجَاهِدُ فِيهِمَا خَيْرٌ مِنْ أُعْتِقُ ولد الزنى انْتَهَى
وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَجْرَ إِعْتَاقِهِ قَلِيلٌ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الشَّرُّ عَادَةً فَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِ قَلِيلُ الْأَجْرِ كَالْإِحْسَانِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ وَهَذَا هُوَ مُرَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه

الصفحة 360