كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)
فلما كَانَ هلال جمادى الآخرة بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جيفر وعبد ابني الجلندي، وكتب إِلَيْهِمَا كتابا فانتهى إِلَى عمان، وَكَانَ الملك جيفر فاخبرته خبر النجاشي وإسلامه، فَقَالَ: أنظر مَا تقول، فقلت: مَا خلة أفضح لرجل من كذب، وَمَا يستحل الكذب فِي ديننا. فَقَالَ: تكلم بهذا الكلام عبدا، ففعلت فأجابا إِلَى الإِسْلام، وصدقا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخليا بيني وبين الصدقة، والحكم فيما بينهم، فلم أزل مقيما معهما حَتَّى بلغتني وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن سَعْد: قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الثبت من خبر عَمْرو بْن الْعَاصِ أنه قدم عَلَى النَّبِيّ مسلما فِي صفر سنة ثمان قبل فتح مَكَّة بأشهر، وَكَانَ الفتح فِي شهر رمضان، فوجهه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جمادى الآخرة سنة ثمان إِلَى ذات السلاسل فِي سرية، ومعه أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْن الْجَرَّاحِ، فلقي العدو من قضاعة، وعاملة، ولخم، وجذام، وكانوا مجتمعين، ففضهم وقتل منهم بشرا كثيرا، ثُمَّ بعث بِهِ إِلَى ابني الجلندي: عبد، وجيفر، بعمان فأسلما وَكَانَ أميرا عليهما، ومعه أَبُو زَيْد الأَنْصَارِيّ عَلَى الصلاة، وأخذ الإِسْلام عَلَى النَّاس، وتعليمهم الْقُرْآن، فلم يزل عَمْرو بعمان حَتَّى قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعمرو بْن العاص هُوَ الَّذِي فتح مصر ونواحيها فِي أيام عمر، وعزله عُثْمَان عَنْهَا فَقَالَ لَهُ: يَا عَمْرو أعلمت أن اللقاح قَدْ دَرَّتْ بَعْدَكَ أَلْبَانُهَا؟
فَقَالَ: لأَنَّكُمْ أَعْجَفْتُمْ أَوْلادَهَا، وله أخبار مَعَ عُثْمَان ومعاوية وقد ذكرناها فِي مواضعها فِي هَذَا الكتاب.
الصفحة 278