كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)

الرجل: فو الله مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لِيَعْلَمَ مَنْ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِي أَنْ سَيُرِيدُهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عَلَيْهِ، وَإِنِّي لأُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِي قِتَالا، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنِّي، لَكَانَ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبُ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أن أليه وأتقدمه.
[خطبة لعمر في أصحابه]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ قَالا: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ عَنْ أَيُّوبَ وَابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِبَابِ عُمَرَ فَمَرَّتْ جَارِيَةٌ فَقَالُوا: سَرِيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: مَا أَنَا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِسَرِيَّةٍ، وَمَا أَحِلُّ لَهُ إِنِّي لَمِنْ مَالِ اللَّهِ، فَمَا هُوَ إِلا قَدْرُ أَنْ بَلَغْتُ حَتَّى جَاءَ الرَّسُولُ فَدَعَانَا فَقَالَ: مَاذَا قُلْتُمْ؟ قُلْنَا: لَمْ نَقُلْ بَأْسًا، مَرَّتْ بِنَا جَارِيَةٌ فَقُلْنَا هَذِهِ سَرِيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ مَا أَنَا بِسَرِيَّتِهِ وَلا أَحِلُّ لَهُ فَمَاذَا يَحِلُّ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكُمْ، يَحِلُّ لِي حُلَّتَانِ:
حُلَّةُ الشِّتَاءِ، وَحُلَّةُ الْقَيْظِ، وَمَا أَحُجُّ عَلَيْهِ وَأَعْتَمِرُ مِنَ الظَّهْرِ، وَقُوتِي وَقُوتُ أَهْلِي كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ لَيْسَ بِأَغْنَاهُمْ وَلا بِأَفْقَرِهِمْ، ثُمَّ أَنَا بَعْدُ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصِيبُنِي ما أصابهم.
حدثنا خلف بن هشام البزاز، ثنا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ عَنِ الْحَرِيرِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا أَعْرِفُكُمْ بِمَا تُظْهِرُونَ، فَمَنْ أَظْهَرَ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا، وَمَنْ أَظْهَرَ شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا، فَأَحْبَبْنَا ذَلِكَ وَأَبْغَضْنَا هَذَا، وَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ لا يقرأ القرآن أحد إلا الله، وَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ

الصفحة 307