كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)

حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَسْأَلُهُ عَنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ، فَقَالَ عَمْرٌو فِي جَوَابِ كِتَابِهِ: «دُودٌ عَلَى عُودٍ، فَإِنِ انْكَسَرَ الْعُودُ هَلَكَ الدُّودُ» فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يَحْمِلَهُمْ فِي الْبَحْرِ، وَأَمْسَكَ عَنْ ذَلِكَ.
حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الأَسْوَدُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ أَنِ ارْزُقْهُمُ الطِّلاءَ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبان الواسطي حَدَّثَنِي جرير بْن حَازِم قَالَ: سمعت الْحَسَن يحدث قَالَ: قدم أَبُو مُوسَى فِي وفد أهل البصرة عَلَى عمر، قَالُوا: فكنا ندخل عَلَيْهِ كُلّ يَوْم فنجد لَهُ خبزة تلت فربما وافقناها مأدومة بزيت، وربما وافقناها مأدومة بسمن، وربما وافقناها مأدومة بلبن، وربما وافقنا القدائد اليابسة قد دقت، ثم أغليت بها، وربما وافقنا اللحم الغريض [1] وذلك قليل، فَقَالَ لنا يوما: أيها القوم إني وَاللَّه أرى تعذيركم فِي الأكل وكراهتكم لطعامي، وإني وَاللَّه لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرفعكم عيشا، أما وَاللَّه مَا أغبى عَن كراكر وأسنمة وصلائق [2] ولكني سمعت اللَّه عير قوما بأمر فعلوه فقال: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا فاستمتعتم بها [3] . وَكَانَ أَبُو مُوسَى كلمنا فَقَالَ: لو كلمتم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ففرض لنا من بيت المال أرزاقا، فو الله ما زال بنا حَتَّى كلمناه فَقَالَ: يَا معشر الأمراء أما ترضون
__________
[1] اللحم الغريض: اللحم الطري. النهاية لابن الأثير.
[2] الكراكر: زور البعير، والصلائق: الخبز الرقيق وقيل هي الحملان المشوية، اللسان.
[3] سورة الأحقاف- الآية: 20.

الصفحة 317