كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)
يَأْتِينَا مِنْكَ كُتُبٌ لا نَعْرِفُ عَهْدَهَا وَتَارِيخَهَا، فَأَرِّخْ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرِّخْ لِمَبْعَثِ رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال بَعْضُهُمْ:
أَرِّخْ لِمَوْتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: أُؤَرِّخُ لِمُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ فَرَقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ مُهَاجَرُهُ فَأَرَّخَ بِهِ.
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ قِيلَ لِعُمَرَ خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ عُمَرَ مَا يُقَالُ لَهُ؟ أَيُقَالُ خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، هَذَا يَطُولُ وَلَكِنْ أَجْمِعُوا عَلَى اسْمٍ تَدْعُونَ بِهِ الْخَلِيفَةَ، وَيُدْعَى بِهِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَعُمَرُ أَمِيرُنَا، فَدُعِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ التَّارِيخَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: وقد حدثت أن عمر قال: أنتم الْمُؤْمِنُونَ، وَأَنَا أَمِيرُكُمْ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ هُوَ قَالَ ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا عَبْد الأَعْلَى بْن حَمَّاد النَّرْسِيُّ أَبُو يَحْيَى، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبأ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ابْنَ مُطِيعٍ عَلَى الْكُوفَةِ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ عَهْدَهُ، وَقَالَ: لا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا فَذَهَبَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَعْمَلَنِي عَلَى الْكُوفَةِ فَاسْتَعِيرِي لِي أَدَاةَ الرَّاكِبِ، فَبَعَثَتْ إِلَى أُخْتِهَا وَهِيَ تَحْتَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَتْ لَهَا: إِنَّ زَوْجِي قَدِ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْكُوفَةِ فَابْعَثِي إِلَيْهِ بِأَدَاةِ الرَّاكِبِ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُغِيرَةُ أَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَأَتَى بَابَ عُمَرَ نِصْفَ النَّهَارِ، وَقَدْ تَبَوَّأَ لِلْمَقِيلِ، فَقَالَ لِلْبَوَّابِ اسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ ولك أربعمائة دِرْهَمٍ فَأَذِنَ لَهُ، فَكَانَتْ تِلْكَ أَوَّلُ رِشْوَةٍ فِي الإِسْلامِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَفَّقَكَ اللَّهُ يا أمير
الصفحة 321