كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)

قَالَ وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ بِالْقَادِسِيَّةِ: أَنْ جَنِّبِ النَّاسَ أَحَادِيثَ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الأَحْقَادَ وَتُنْشِئُ الضَّغَائِنَ، وَعِظْهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ مَا نَشِطُوا لِلاسْتِمَاعِ.
الْمَدَائِنِيّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فائد قَالَ: قَالَ عمر: آخ من آخيت عَلَى التقوى وَلا تجعل حديثك بذلة لمن لا يريده، وشاور الَّذِينَ يخافون اللَّه.
حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُودٍ الْكُوفِيُّ عَنِ ابْنِ كِنَاسَةَ وَالْهَيْثَمِ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ: النُّخَيْلَةُ خَيْرٌ أَمِ الْحَبَلَةُ [1] ؟ فَقَالَ: الْحَبَلَةُ، أَتَزَبَّبُهَا وَأَتَشَتِّيهَا، وَأَقِيلُ فِي ظِلِّهَا، وَأُصْلِحُ بِهَا سِقَامِي، وَآدَمُ بُرْمَتِي. فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ:
مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: كَذَبَ، إِنْ آكُلُ الزَّبِيبَ أَضْرَسُ، وَإِنْ أَتْرُكْهُ أَغْرَثُ [2] ، لَيْسَ كَالصَّقْرِ السَّائِلِ مِنْ رُؤُوسِ الرَّقْلِ [3] : الرَّاسِخَاتِ فِي الْوَحْلِ الْمُطْعِمَاتِ فِي الْمُحْلِ، صَمْتَةَ الصَّغِيرِ وَتُحْفَةَ الْكَبِيرِ، وَزَادَ الْمُسَافِرِ، وَتَحْرُسُهُ مَرْيَمُ بِنْتُ عمران، ينضج ولا يعيي طَابِخًا، وَتَحْتَرِشُ بِهَا الضَّبَابُ بِالصَّلْعَاءِ [4] ، فَضَحِكَ عُمَرُ.
حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أيضا.
__________
[1] الحبلة: الكرمة.
[2] أغرث: جاع.
[3] الرقلة: النخلة فاتت اليد. القاموس.
[4] الصلعاء: الأرض لا نبت فيها، وحرش الضب يحرشه حرشا وتحرشا: صاده.
القاموس.

الصفحة 327