كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)
مُحَمَّدٍ أَنَّ بُرَيْدًا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَنَثَرَ كِنَانَتَهُ فَبَدَرَتْ صَحِيفَةٌ فَأَخَذَهَا وَقَرَأَ فِيهَا:
أَلا أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولا ... فِدًى لَكَ من أخي ثقة إزار
قَلائِصُنَا هَدَاكَ اللَّهُ إِنَّا ... شُغِلْنَا عَنْكُمُ زَمَنَ الْحِصَارِ
فَمَا قُلُصٌ وَجَدْنَ مُعَقَّلاتٍ ... قَفَا سَلْعٍ بِمُخْتَلَفِ التِّجَارِ
قَلائِصُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ... وَأَسْلَمَ أَوْ جُهَيْنَةَ أَوْ غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيْمٍ ... سَفِيهٌ يَبْتَغِي سَقَطَ الْعِذَارِ
فَقَالَ: ادْعُوا إِلَيَّ جَعْدَةَ، فَدُعِيَ فَجَلَدَهُ مِائَةً مَعْقُولا، وَنَهَاهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى امْرَأَةٍ مُغَيَّبَةٍ.
الْمَدَائِنِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جُعْدُبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ:
سَمِعَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجُلا يُنْشِدُ:
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ شَرِّ مِعْقَلٍ ... إِذَا مِعْقَلٌ رَاحَ الْبَقِيعَ مُرَجَّلا [1]
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ: جُزَّ شَعْرَكَ فَجَزَّهُ، وَكَانَ جَمِيلا حَسَنَ الشَّعْرِ.
الْمَدَائِنِيُّ عَنِ ابْنِ جُعْدُبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ امْرَأَةً لَيْلا وَهِيَ تَقُولُ:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ واخضلّ جانبه ... فأرّقني إلّا حليل ألاعبه
فو الله لَوْلا اللَّهُ لا شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَحَرَّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
فَسَأَلَ عُمَرُ: كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا؟ فَقِيلَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَقَالَ:
إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْحَصَانِ لَصَبْرٌ جَمِيلٌ، وَأَقْفَلَ عُمَرُ زَوْجَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَصَيَّرَ الْقُفُولَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
حَدَّثَنِي هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن
__________
[1] الترجيل: تسريح الشعر.
الصفحة 337