كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)

أَنَسٍ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُوَيْمِرِ بْنِ الأَجْدَعِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الرَّوْحَاءِ [1] ، سَمِعَ صَوْتَ رَاعٍ فِي جَبَلٍ فَعَدَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ صَاحَ. يَا رَاعِيَ الْغَنَمِ، فَأَجَابَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي مَرَرْتُ بِمَكَانٍ هُوَ أَخْصَبُ مِنْ مَكَانِكَ، وإن كل راع مسؤول عن رعيته، ثم عدل صدور الركاب.
[رأي لعمر في أصحاب الشورى]
حَدَّثَنِي حَفْص بْن عُمَر العُمري عَن الْهَيْثَم بْن عَدِيٍّ عَنْ عَوَانَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ مَنْ يُوَلَّى الْخِلافَةَ بَعْدَهُ فَقَالَ: إِنْ أُوَلِّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أُوَلِّ رَجُلا صَالِحًا فِي نَفْسِهِ، أَخَافُ إِيثَارَهُ قَرَابَاتِهِ، وَأَنْ يَغْلِبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، وَإِنْ أُوَلِّ عَلِيًّا أُوَلِّ شُجَاعًا تَقِيًّا عَلَى دُعَابَةٍ [2] فِيهِ، وَخَلِيقٌ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى طَرِيقَةٍ صَالِحَةٍ، وَإِنْ أوّل الزبير فوعقة لقس [3] فيه شراسة وشعاسة، وَإِنْ أُوَلِّ طَلْحَةَ أُوَلِّ رَجُلا ذَا بَأْوٍ وَكِبْرٍ، وَإِنْ أُوَلِّ ابْنَ عَوْفٍ أُوَلِّ رَجُلا لَيِّنَ الْجَانِبِ سَلِسَ الْقِيَادَةِ، فَلَيْسَ يُصْلِحُ هَذَا الأَمْرَ إِلا شِدَّةٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، وَلِينٌ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، وَلَكِنِّي أَدَعُهَا شُورَى بَيْنَهُمْ فَيَخْتَارُ الْمُسْلِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ مِنْ هَؤُلاءِ مَا شَاءُوا.
[عمر بن الخطاب]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الأَسَدِيُّ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دَعَا بِحَلاقٍ فَحَلَقَهُ بِمُوسَى يَعْنِي جَسَدَهُ، قَالَ: فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّ النُّورَةَ [4] مِنَ النَّعِيمِ فكرهتها.
__________
[1] موضع قريب من المدينة من أعمال الفرع على نحو من أربعين ميلا من المدينة. المغانم المطابة.
[2] الدعابة: اللعب والمزاح.
[3] رجل وعقه: سريع التبرم مع ضجر وصخب. واللقس: الشحيح. اللسان.
[4] النورة: الكلس الذي يستخدم لإزالة شعر العانة. اللسان.

الصفحة 344