كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)
وَغَيْرِهِمْ، فَسُقْتُ حَدِيثَهُمْ، قَالُوا: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَجَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي هِلالِ بْنِ عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ مِحْجَنِ بْنِ الأَفْقَمِ بْنِ شُعَيْثَةَ بْنِ الْهَزْمِ بْنِ رُوَيْبَةَ، وَكَانَ لها زوج من ثقيف يقال له الحجاج بْن عتيك، فبلغ ذلك أَبَا بكرة بْن مَسْرُوحٍ، مَوْلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مِنْ مُوَلَّدِي ثَقِيفٍ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْبَجَلِيَّ، وَنَافِعَ بْنَ الْحَارِثِ، وَزِيَادَ بْنَ سُمَيَّةَ، فَرَصَدُوهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا هَجَمُوا عَلَيْهِ فَإِذَا هُمَا عُرْيَانَانِ وَهُوَ مُتَبَطِّنُهَا، فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَشَهِدُوا عِنْدَهُ بِمَا رَأَوْا، فَقَالَ عُمَرُ لأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ:
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ إِلَى بَلَدٍ قَدْ عَشَّشَ فِيهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ: فَأَعِنِّي بِعِدَّةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَبَعَثَ مَعَهُ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ، وَعِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ أَبَا نُجَيْدٍ الْخُزَاعِيَّ، وَعَوْفَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ، فَوَلاهُ الْبَصْرَةَ، وَأَمَرَهُ بِإِشْخَاصِ الْمُغِيرَةِ فَأَشْخَصَهُ بَعْدَ قُدُومِهِ بِثَلاثٍ، فَيُقَالُ إِنَّهُ رَأَى امْرَأَةً فِي طَرِيقِهِ فَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَكَانَ نَكَّاحًا شَبِقًا، فَلَمَّا صَارَ إِلَى عُمَرَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْحَارِثِ: رَأَيْتُهُ عَلَى بَطْنِ امْرَأَةٍ يَحْتَفِزُ عَلَيْهَا، وَرَأَيْتُهُ يُدْخِلُ مَا مَعَهُ وَيُخْرِجُهُ كَالْمُلْمُولِ [1] فِي الْمُكْحُلَةِ، ثُمَّ شَهِدَ شِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ مِثْلَ شَهَادَتِهِ، ثُمَّ أَبُو بَكْرَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ زِيَادٌ رَابِعًا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ قَالَ: أَمَا إِنِّي أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ أَرْجُو أَلا يُرْجَمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٍ بِشَهَادَتِهِ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ قَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ زِيَادٌ: رَأَيْتُ مَنْظَرًا قبيحا، وسمعت نفسا عاليا، وما أدري أخالطها أَمْ لا، وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِشَيْءٍ، فَأَمَرَ عُمَرُ بِالثَّلاثَةِ فَجُلِدُوا، فَقَالَ شِبْلٌ: أَيُجْلَدُ شهود الحق، ويبطل
__________
[1] الملمول: الميل في الدارجة.
الصفحة 387