كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 10)

إِلَيْهَا الْعُمَّالُ فِي السَّحَرِ فَيَعْمَلُونَ الْكركوزِ [1] حَتَّى يُصْبِحُوا ثُمَّ يُطْعِمُونَ الْمَرْضَى مِنْهُمْ وَيَعْمَلُونَ الْعَصَائِدَ، وَكَانَ عُمَرُ يَأْمُرُ بِالزَّيْتِ فَيَصِيرُ فِي الْقُدُورِ الْكِبَارِ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَذْهَبَ حَرُّهُ، ثُمَّ يُثْرَدُ الْخُبْزُ وَيُؤْتَدَمُ بِذَلِكَ الزَّيْتُ، كَانَتِ الْعَرَبُ تُحَمُّ مِنْ ذَلِكَ الزَّيْتِ، وَمَا أَكَلَ عُمَرُ فِي بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ وَنِسَائِهِ ذَوَاقًا زَمَانَ الرَّمَادَةِ، وَلا كَانَ يَأْكُلُ إِلا مَعَ النَّاسِ حَتَّى أَحْيَا النَّاسُ أَوَّل مَا أَحْيَوْا.
مُحَمَّدُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ قَدِمَ عَلَيَّ مِنْ قَوْمِي مِائَةٌ أَهْلُ بَيْتٍ فَنَزَلُوا بِالْجَبَّانَةِ، وَكَانَ عُمَرُ يُطْعِمُ مَنْ جَاءَهُ مِنَ النَّاسِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالدَّقِيقِ وَالتَّمْرِ وَالأَدَمِ فِي مَنْزِلِهِ، فَكَانَ يُرْسِلُ إِلَى قَوْمِي مَا يَصِلُهُمْ شَهْرًا شَهْرًا، وَكَانَ يَتَعَهَّدُ مَرْضَاهُمْ وَيُقِيمُ أَكْفَانَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَوْتَ وَقَعَ فِيهِمْ حِينَ أَكَلُوا الثَّفِلَ، فَكَانَ عُمَرُ يَأْتِي بِنَفْسِهِ فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ صَلَّى عَلَى عَشْرَةٍ جَمِيعًا، فَلَمَّا أَحْيَوْا قَالَ: أَخْرِجُوا مِنَ الْقَرْيَةِ إِلَى مَا كُنْتُمُ اعْتَدْتُمْ مِنَ الْبَرِّيَّةِ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَحْمِلُ الضَّعِيفَ مِنْهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِبِلادِهِمْ [2] .
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَتَحَلَّبُ فُوهُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟ قال: أشتهي جرادا مقلوا.
[عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
__________
[1] لم أقف لها على معنى في معاجم العربية والمعربات.
[2] طبقات ابن سعد ج 3 ص 314- 317.

الصفحة 397