كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 10)

يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن، والله أعلم.
فصل: [أنواع الشرك]
وقال ابن القيم رحمه الله في "شرح المنازل"، في باب التوبة: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر; فالأكبر: لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا، يحبه كما يحب الله؛ بل أكثرهم يحبون آلهتهم، أعظم من محبة الله، ويغضبون لمنتقص معبودهم من المشايخ، أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين؛ وقد شاهدنا هذا نحن منهم جهرة.
وترى أحدهم قد اتخذ ذكر إلهه ومعبوده على لسانه، إن قام وإن قعد، وإن عثر وإن استوحش؛ وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنه باب حاجته إلى الله، وشفيعه عنده؛ وهكذا كان عباد الأصنام سواء، وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم، وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم؛ فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتخذوها من البشر، قال الله تعالى حاكيا عن أسلاف هؤلاء: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} 1.
فهذه حال من اتخذ من دون الله وليا، يزعم أنه يقربه إلى الله تعالى، وما أعز من تخلص من هذا، بل ما أعز من يعادي من أنكره. والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين
__________
1 سورة الزمر آية: 3.

الصفحة 170