كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 10)

أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال: الله أكبر! هذا كما قال بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من قبلكم ". فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة يقصدها الناس، وينوطون بها الخرق، فهي ذات أنواط، فاقطعوها.
وقال صلى الله عليه وسلم:" بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس " 1، ومعنى هذا: أن الله لما جاء بالإسلام، فكان الرجل إذا أسلم في قبيلته، غريبا مستخفيا بإسلامه، قد جفاه العشيرة، فهو بينهم ذليل خائف، ثم يعود غريبا، لكثرة الأهواء المضلة، والمذاهب المختلفة، حتى يبقى أهل الحق غرباء في الناس، لقلتهم وخوفهم على أنفسهم.
وروى البخاري، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: (والله ما أعرف فيهم من أمر محمد، إلا أنهم يصلون جميعا) ; وذلك: أنه أنكر أكثر أفعال أهل عصره وقال الزهري: "دخلت على أنس بن مالك بدمشق، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: ما أعرف فيهم شيئا مما أدركت، إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت". انتهى كلام الطرطوشي.
فليتأمل اللبيب هذه الأحاديث، وفي أي زمان قيلت،
__________
1 مسلم: الإيمان (145) , وابن ماجه: الفتن (3986) , وأحمد (2/389) .

الصفحة 22