كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 10)

وقال أيضا في الكلام على هذه القصة، لما ذكر "أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ مال اللات وصرفه في المصالح": ومنها: جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه الطواغيت في الجهاد، ومصالح المسلمين؛ فيجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تصرف إليها، ويصرفها على الجند والمقاتلة، ومصالح المسلمين، كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أموال اللات.
وكذا الحكم في وقفها، والوقف عليها باطل، وهو مال ضائع، فيصرف في مصالح المسلمين؛ فإن الوقف لا يصح إلا في قربة وطاعة لله ولرسوله، فلا يصح على مشهد ولا قبر يسرج عليه، ويعظم وينذر له، ويعبد من دون الله؛ وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الدين، ومن اتبع سبيلهم، انتهى كلامه.
فتأمل كلام هذا الرجل الذي هو من أهل العلم، وهو أيضا من أهل الشام، كيف صرح أنه ظهر في زمانه فيمن يدعي الإسلام في الشام وغيره، عبادة القبور، والمشاهد، والأشجار، والأحجار، التي هي أعظم من عبادة اللات، والعزى، أو مثلها، وأن ذلك ظهر ظهورا عظيما، حتى غلب الشرك على أكثر النفوس، وحتى صار الإسلام غريبا، بل اشتدت غربته.

الصفحة 27