كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 10)

لما جاءك عبد الرحمن الشنيفي، أقررت لهم أن التذكير بدعة مكروهة، فمتى هذا العلم جاءك؟!
وأما قولك: أمر الله بالصلاة على نبيه على الإطلاق، فأيضا أمر الله بالسجود على الإطلاق، في قوله: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} 1، أفيدل هذا على السجود للأصنام؟ أو يدل على الصلاة في أوقات النهي؟ فإن قلت ذاك قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: وكذلك هذا، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البدع، وذكر أن " كل بدعة ضلالة " 2؛ ومعلوم أن هذا حادث من زمن طويل، وأنكره أهل العلم، منهم صاحب "الإقناع". وقد ذكر السيوطي في كتاب "الأوائل" أن أول ما حدث التذكير يوم الجمعة، ليتهيأ الناس لصلاتها، بعد السبعمائة، في زمن الناصر بن قلاوون؛ فأرنا كلام واحد من العلماء أرخص فيه، وجعله بدعة حسنة؛ فليس عندك إلا الجهل المركب، والبهتان والكذب.
وأما استدلالك بالأحايث التي فيها إجماع الأمة والسواد الأعظم، وقول: " من شذ شذ في النار " 3 و " يد الله على الجماعة " 4 وأمثال هذا، فهذا أيضا من أعظم ما تلبس به على الجهال، وليس هذا معنى الأحاديث، بإجماع أهل العلم كلهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإسلام سيعود غريبا، فكيف يأمرنا باتباع غالب الناس؟! وكذلك الأحاديث الكثيرة، منها قوله: " يأتي على الناس زمان، لا يبقى من
__________
1 سورة الحج آية: 77.
2 مسلم: الجمعة (867) , والنسائي: صلاة العيدين (1578) , وابن ماجه: المقدمة (45) , وأحمد (3/310) , والدارمي: المقدمة (206) .
3 الترمذي: الفتن (2167) .
4 النسائي: تحريم الدم (4020) .

الصفحة 42