كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 10)

شروط العين المؤجرة، أن يكون قادراً على تسليمها للمستأجر؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) والإجارة نوع من البيع، وغير المقدور عليه ليس عند الإنسان ولا في حوزته ولا في استطاعته أن يقدر عليه، ولنهيه صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الغرر (¬2)، وغير المقدور عليه إجارته غرر؛ لأن مؤجره سوف يخفض من الأجرة، وإلا لما استؤجر منه، فإن قدر عليه المستأجر صار غانماً وإن عجز صار غارماً وهذا نوع من الغرر، ولأن الإجارة نوع من البيع فإذا كنا نشترط في البيع القدرة على تسليم المبيع، فكذلك نشترط في الإجارة القدرة على تسليم المستأجَر.
قوله: «فلا تصح إجارة الآبق» يعني: العبد الآبق، وهو الذي هرب من سيده، ولا يدري عنه سيده شيئاً، فهذا لا تصح إجارته؛ لأنه غير مقدور على تسليمه، وحينئذٍ إما أن يستطيع المستأجر استلامه وإما أن لا يستطيع، فإن استطاع أن يتسلمه صار غانماً وإن لم يستطع صار غارماً؛ لأن العبد الآبق لا يمكن أن تكون أجرته كأجرة العبد الحاضر؛ فسوف تنزل أجرته ويعتبر المستأجر نفسه مخاطراً، فإذا قدرنا أن هذا العبد يؤجر في اليوم
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (3/ 402)، وأبو داود في البيوع/ باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (3503)؛ والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (1232)؛ والنسائي في البيوع/ باب بيع ما ليس عند البائع (7/ 289)؛ وابن ماجه في التجارات/ باب النهي عن بيع ما ليس عندك (2187) عن حكيم بن حزام ـ رضي الله عنه ـ؛ وحسنه الترمذي؛ وصححه النووي في المجموع (9/ 311)؛ والألباني في الإرواء (1292).
(¬2) سبق تخريجه ص (7).

الصفحة 33