كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَمْدَانَ، يَقُولُ: " §كَانَ أَبُو حَفْصٍ حَدَّادًا فَكَانَ غُلَامُهُ يَوْمًا يَنْفُخُ عَلَيْهِ الْكِيرَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي النَّارَ وَأَخْرَجَ الْحَدِيدَ مِنَ النَّارِ فَغُشِيَ عَلَى غُلَامِهِ، وَتَرَكَ أَبُو حَفْصٍ الْحَانُوتَ وَأَقْبَلَ عَلَى أَمْرِهِ
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَمْدَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ، يَقُولُ: «§تَرَكْتُ الْعَمَلَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ وَتَرَكَنِي الْعَمَلُ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْهِ»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو حَفْصٍ يَقُولُ: " §مَنْ لَمْ يَزِنْ أَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ خَوَاطِرَهُ، فَلَا تَعُدَّهُ فِي دِيوَانِ الرِّجَالِ، وَكَانَ يَقُولُ: مِنْ نَعْتِ الْفَقِيرِ الصَّادِقِ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِحُكْمِهِ، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَارِدٌ يَشْغَلُهُ عَنْ حُكْمِ وَقْتِهِ يَسْتَوْحِشُ مِنْهُ وَيَنْفِيهِ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: اجْتَمَعَ مَشَايِخُ بَغْدَادَ عِنْدَ أَبِي حَفْصٍ وَسَأَلُوهُ عَنِ الْفُتُوَّةِ، فَقَالَ: " §تَكَلَّمُوا أَنْتُمْ فَإِنَّ لَكُمُ الْعِبَارَةَ وَاللِّسَانَ فَقَالَ الْجُنَيْدُ: الْفُتُوَّةُ إِسْقَاطُ الرُّؤْيَةِ وَتَرْكُ النِّسْبَةِ فَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: مَا أَحْسَنَ مَا قُلْتَ، وَلَكِنَّ الْفُتُوَّةَ عِنْدِي أَدَاءُ الْإِنْصَافِ وَتَرْكُ مُطَالَبَةِ الْإِنْصَافِ، فَقَالَ الْجُنَيْدُ: قُومُوا يَا أَصْحَابَنَا فَقَدْ زَادَ أَبُو حَفْصٍ عَلَى آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَفْصٍ يَقُولُ: مِنْ إِهَانَةِ الدُّنْيَا أَنِّي لَا أَبْخَلُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَلَا أَبْخَلُ بِهَا عَلَى نَفْسِي؛ لِاحْتِقَارِهَا وَاحْتِقَارِ نَفْسِي عِنْدِي "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ، يَقُولُ: «§الْكَرَمُ طَرْحُ الدُّنْيَا لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ لِاحْتِيَاجِكَ إِلَيْهِ»
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْحَدَّادُ: " §حُسْنُ أَدَبِ الظَّاهِرِ عُنْوَانُ حُسْنِ أَدَبِ الْبَاطِنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ: مَنِ الرِّجَالُ؟ فَقَالَ: الْقَائِمُونَ مَعَ اللَّهِ بِوَفَاءِ الْعُهُودِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ، فَقَالَ: تَرْكُ مَا لَكَ وَالْتِزَامُ مَا أُمِرْتَ بِهِ "
الصفحة 230