كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ الطُّوسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: «§عَلِمَ الْقَوْمُ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَاهُمْ فَاسْتَحْيُوا مِنْ نَظَرِهِ أَنْ يُرَاعُوا شَيْئًا سِوَاهُ وَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ بِحَقِيقَةِ ذِكْرِهِ نَسِيَ ذِكْرَ غَيْرِهِ، وَمَنْ نَسِيَ ذِكْرَ كُلِّ شَيْءٍ فِي ذِكْرِهِ حَفِظَ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ اللَّهُ لَهُ عِوَضًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ»
قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ لِيُوسُفَ: دُلَّنِي عَلَى طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ فَقَالَ: «§أَرِ اللَّهَ الصِّدْقِ مِنْكَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكَ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مُوَافِقًا لِلْحَقِّ وَلَا تَرْقَ إِلَيَّ حَيْثُ لَمْ يَرْقَ بِكَ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ فَإِنَّكَ إِذَا رَقَيْتَ سَقَطَتْ وَإِذَا رَقِيَ بِكَ لَمْ تَسْقُطْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ الْيَقِينَ لِمَا تَرْجُوهُ ظَنًّا»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ: " عَارَضَنِي بَعْضُ النَّاسِ فِي كَلَامٍ وَقَالَ لِي: لَا تَسْتَدْرِكْ مُرَادَكَ مِنْ عِلْمِكَ إِلَّا أَنْ تَتُوبَ، فَقُلْتُ مُجِيبًا لَهُ: §لَوْ أَنَّ التَّوْبَةَ تَطْرُقُ بَابِي مَا أَذِنْتُ لَهَا عَلَى أَنِّي أَنْجُو بِهَا مِنْ رَبِّي، وَلَوْ أَنَّ الصِّدْقَ وَالْإِخْلَاصَ كَانَا لِي عَبْدَيْنِ لَبِعْتُهُمَا زُهْدًا مِنِّي فِيهِمَا لِأَنِّي إِنْ كُنْتُ عِنْدَ اللَّهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ سَعِيدًا مَقْبُولًا لَمْ أَتَخَلَّفْ بِاقْتِرَافِ الذُّنُوبِ وَالْمَآثِمِ وَإِنْ كُنْتُ عِنْدَهُ شَقِيًّا مَخْذُولًا لَمْ تُسْعِدْنِي تَوْبَتِي وِإِخْلَاصِي وَصِدْقِي، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَنِي إِنْسَانًا بِلَا عَمَلٍ وَلَا شَفِيعٍ كَانَ لِي إِلَيْهِ وَهَدَانِي لِدِينِهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] الْآيَةَ، فَاعْتِمَادِي عَلَى فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ أَوْلَى بِي إِنْ كُنْتُ حُرًّا عَاقِلًا مِنَ اعْتِمَادِي عَلَى أَفْعَالِي الْمَدْخُولَةِ وَصِفَاتِي الْمَعْلُولَةِ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ بِأَفْعَالِنَا مِنْ قِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِالْكَرِيمِ الْمُتَفَضِّلِ "
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، بِنَيْسَابُورَ يَقُولُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ: " §فِي الدُّنْيَا طُغْيَانَانِ طُغْيَانُ الْعِلْمِ وَطُغْيَانُ الْمَالِ، وَالَّذِي يُنْجِيكَ مِنْ طُغْيَانِ الْعِلْمِ الْعِبَادَةُ وَالَّذِي يُنْجِيكَ مِنْ طُغْيَانِ الْمَالِ الزُّهْدُ فِيهِ وَقَالَ: بِالْأَدَبِ يُفْهَمُ الْعِلْمُ وَبِالْعِلْمِ يَصِحُّ الْعَمَلُ وَبِالْعَمَلِ تُنَالُ الْحِكْمَةُ وَبِالْحِكْمَةِ يُفْهَمُ الزُّهْدُ وَيُوَّفْقُ لَهُ وَبِالزُّهْدِ تُتْرَكُ الدُّنْيَا وَبِتَرْكِ الدُّنْيَا يُرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ وَبِالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ يُنَالُ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "

الصفحة 239