كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ: " §لَيْسَ أَعْمَالُ الْخَلْقِ بِالَّذِي تُرْضِيهِ وَلَا تُسْخِطُهُ إِنَّمَا رَضِيَ عَنْ قَوْمٍ، فَاسْتَعْمَلَهُمْ بِأَعْمَالِ الرِّضَا وَسَخِطَ عَلَى قَوْمٍ فَاسْتَعْمَلَهُمْ بِأَعْمَالِ السَّخَطِ، وَإِنِّي رُبَّمَا تَمَثَّلْتُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر البسيط]
يَا مُوقِدَ النَّارِ فِي قَلْبِي بِقُدْرَتِهِ ... لَوْ شِئْتَ أَطْفَأَتْ عَنْ قَلْبِي بِكَ النَّارَ
لَا عَارَ إِنْ مُتُّ مِنْ شَوْقِي وَمِنْ حُزْنِي ... عَلَى فِعَالِكَ بِي لَا عَارَ لَا عَارَ
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الْفَيْضِ ذَا النُّونِ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «§مَنْ جَهِلَ قَدْرَهُ هَتَكَ سَتْرَهُ»
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الْعُثْمَانِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§تَكَلَّمَتْ خُدَعُ الدُّنْيَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَاتَتْ قُلُوبَ الْقُرَّاءِ فِتَنُ الدُّنْيَا فَلَسْتَ تَرَى إِلَّا جَاهِلًا مُتَحَيِّرًا أَوْ عَالِمًا مَفْتُونًا فَيَا مَنْ جَعَلَ سَمْعِي وِعَاءً لَعِلْمِ عَجَائِبِهِ وَقَلْبِي مَنْبَعًا لَذِكْرِهِ وَيَا مَنْ مَنَّ عَلَيَّ بِمَوَاهِبِهِ اجْعَلْنِي بِحَبْلِكَ مُعْتَصِمًا وَبِجُودِكَ مُتَمَسِّكًا وَبِحِبَالِكَ مُتَّصِلًا، وَأَكْمِلْ نِعْمَتَكَ عِنْدِي بِدَوَامِ مَعْرِفَتِكَ فِي قَلْبِي كَمَا أَكْمَلْتَ خَلْقِي وَسَدَّدْتَنِي لِلَّتِي تُبَلِّغْنِي إِلَيْكَ وَاجْعَلْ ذَلِكَ مَضْمُومًا إِلَى نِعْمَائِكَ عِنْدِي وَاهْدِنِي لِلشُّكْرِ حَتَّى أَعْلَمَ مَكَانَ الزِّيَادَةِ مِنْكَ فِي قَلْبِي وَلَا تَنْزِعْ مَحَبَّتَكَ مِنْ قَلْبِي يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْجَمَالِ وَالنُّورِ وَالْبَهَاءِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَأَلْتُ ذَا النُّونِ: مَنْ أُجَالِسُ؟ قَالَ: «§جَالِسْ مِنَ النَّاسِ مَنْ تَقْهَرُكَ هَيْبَتُهُ وَتُخَوِّفُكَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ رُؤْيَتُهُ وَيُخْبِرُكَ عَنْ نَفْسِكَ بِالَّذِي هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ -[242]-، وَنَحْوَ هَذَا، إِلَّا أَنَّ كَلَامَهُ دَلَّنِي عَلَى مُجَالَسَةِ مَنْ تَقَعُ عَلَيَّ هَيْبَتُهُ»

الصفحة 241