كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

قَالَ يُوسُفُ: وَقِيلَ لِذِي النُّونِ: §أَيْنَ مَجْلِسُ الْآمِنِينَ؟ فَقَالَ: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] "
قَالَ يُوسُفُ: وَسَأَلْتُ ذَا النُّونِ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ: مَنْ أَصْحَبُ؟ قَالَ: " §لَا تَصْحَبْ مَنْ يَنْخَدِعُ بِغَيْرِكَ، قَالَ يُوسُفُ: فَعَرَضْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَلَى طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيِّ فَقَالَ: نَهَاكَ عَنْ صُحْبَةِ الْخَلَائِقِ بِأَسْرِهَا "
قَالَ: وَسَمِعْتُ يُوسُفَ، يَقُولُ: زَارَ ذُو النُّونِ أَخًا لَهُ فِي شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ فَقَالَ ذُو النُّونِ: «§مَا بَعْدَ طَرِيقٍ أَدَّى إِلَى صَدِيقٍ وَلَا ضَاقَ مَكَانٌ مِنْ حَبِيبٍ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ 14050 ذَا النُّونِ، وَقِيلَ، لَهُ: مَا لَكَ إِذَا رَأَيْتَ الْعَاصِيَ لَا تَحْقِدُ عَلَيْهِ وَتُقَبِّحُ فِعْلَهُ وَتَهْجُرُهُ؟ فَقَالَ: «§لِأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الصَّانِعِ فِي الصُّنْعِ فَيَهُونَ عَلَيَّ الْمَصْنُوعُ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفَتْحَ بْنَ شُخْرُفَ، يَقُولُ: قَالَ لِي ذُو النُّونِ: «§مَنْ قَطَعَ الْآمَالَ مِنَ الْخَلْقِ وَصَلَ إِلَى الْخَالِقِ، وَلَنْ يَصِلَ عَبْدٌ إِلَى مَحْبُوبِهِ دُونَ قَطْعِ الْآمَالِ مِمَّنْ دُونَهُ فَمَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ فَلْيَرُمْ بِكَنَفِهِ عِنْدَهُ وَلْيُخْلِصْ وَلْيُشَمِّرْ وَلْيَصْبِرْ وَيَرْضَى وَيَسْتَسْلِمْ مُخَاطِرًا بِنَفْسِهِ فَتُؤَدِّيهِ مُخَاطَرَةُ نَفْسِهِ إِلَى نَفْسِهِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى السَّرَخْسِيُّ النَّاسِكُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْبِسْطَامِيَّ يَقُولُ: " §الْحُبُّ لِلَّهِ عَلَى أَرْبَعَةِ فُنُونٍ: فَنٌّ مِنْهُ وَهُوَ مُنْتَهٍ، وَفَنٌّ مِنْكَ وَهُوُ وُدُّكَ، وَفَنٌّ لَهُ وَهُوَ ذِكْرُكَ لَهُ، وَفَنٌّ بَيْنَكُمَا وَهُوَ الْعِشْقُ، قَالَ يُوسُفُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِذِي النُّونِ فَقَالَ: هَذَا الْكَمَالُ، الزَّاهِدُ يَقُولُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ وَالْعَارِفُ يَقُولُ: كَيْفَ يُصْنَعُ بِي؟ ثُمَّ قَالَ: تَاهَ الْقَوْمُ فِي جَمَالِهِ وَجَلَالِهِ "
قَالَ: وَسَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: قَالَ ذُو النُّونِ: «§مَقَامَاتُ الرِّجَالِ تِسْعَةَ عَشَرَ مَقَامًا أَوَّلُهَا الْإِجَابَةُ وَأَعْلَاهَا التَّوَكُّلُ»
وَقَالَ ذُو النُّونِ: " §النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا وَحُسَّادُ مَا مُنْعُوا مِنْ جُهِلَ قَدْرُهُ هُتِكَ سِتْرُهُ قَالَ: وَأَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَيْضِ أَوْصِنِي فَقَالَ: بِمَ أُوصِيكَ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ قَدْ أُيِّدْتَ مِنْهُ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ بِصِدْقِ التَّوْحِيدِ فَقَدْ سَبَقَ لَكَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا دُعَاءُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ وَصِيَّتِي، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَنْ يَنْفَعَكَ النِّدَاءُ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اسْتَعَبْدَنَا بِالْعَنَاءِ فَلَا بُدَّ مِنَ الِانْقِيَادِ لَهُ قَالَ: وَسُئِلَ: لِمَ أَحَبَّ النَّاسُ -[243]- الدُّنْيَا؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا خِزَانَةَ أَرْزَاقِهِمْ فَمَدُّوا أَعْينَهُمْ إِلَيْهَا وَقَالَ: الْحَبِيبُ يَسْبِقُ الِاغْتِفَارَ قَبْلَ الِاعْتِذَارِ وَقَالَ: مَنْ يَسْكُنْ قَلْبُكَ عَلَيْهِ فَلَا تُفْشِ سَرَّكَ إِلَيْهِ وَسُئِلَ: مَنْ دُونَ النَّاسِ غَمًّا؟ قَالَ: أَسْوَؤُهُمْ خُلُقًا قِيلَ: وَمَا عَلَامَةُ سُوءِ الْخُلُقِ؟ قَالَ: كَثْرَةُ الْخِلَافِ وَقَالَ: صُدُورُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ وَسُئِلَ يَوْمًا: فِيمَ يَجِدُ الْعَبْدُ الْخَلَاصَ؟ قَالَ: الْخَلَاصُ فِي الْإِخْلَاصِ فَإِذَا أَخْلَصَ تَخَلَّصَ، قِيلَ: فَمَا عَلَامَةُ الْإِخْلَاصِ؟ قَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَمَلِكَ مَحَبَّةُ حَمْدِ الْمَخْلُوقِينَ وَلَا مَخَافَةُ ذَمِّهْمِ فَأَنْتَ مُخْلِصٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ "

الصفحة 242