كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
§سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَمِنْهُمُ الْعَارِفُ الْفَاصِحُ وَالْعَابِدُ النَّاصِحُ، كَانَ بِالْحِكَمِ مَنْطِقِيًا فَصِيحًا وَلِلْمُرِيدِينَ شَفِيقًا نَصِيحًا عَلَّمَهُمُ الْآدَابَ الرَّفِيعَةَ وَنَبَّهَهُمْ عَلَى مُلَازَمَةِ الشَّرِيعَةِ، كَانَ إِلَى مُوَافَقَةِ الْحَقِّ مَجْذُوبًا وَعَنِ حُظُوظِ النَّفْسِ مُطَهَّرًا مَسْلُوبًا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِيرِيُّ، رَازِيُّ الْمَوْلِدِ خَرَجَ زَائِرًا إِلَى أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيِّ مَعَ شِيَخِهِ شَاهٍ الْكَرْمَانِيِّ فَقَبِلَهُ أَبُو حَفْصٍ وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ وَصَارَ لَهُ سَكَنًا وَعَلَى ابْنَتِهِ خَتَنًا، كَانَ حَمِيدَ الْأَخْلَاقِ مَدِيدَ الْأَرْفَاقِ بَقِيَتْ بَرَكَتُهُ وَآثَارُهُ عَلَى أَهْلِ نَيْسَابُورَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ وَأَنَّهُ حَضَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْحِيرَةِ عِنْدَ قَبْرِ أُسْتَاذِهِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيِّ وَزُرْتُ قَبْرَيْهِمَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَمْدَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الْحِيرِيَّ، يَقُولُ: " §مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ أَمَّرَ الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54] "
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ، صَاحِبُ الْخَانِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ بْنَ نُجَيْدٍ، يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَلْخِيُّ: «إِنَّ §اللَّهَ تَعَالَى زَيَّنَ أَبَا عُثْمَانَ بِفُنُونِ عُبُودِيَّتِهِ وَأَبْرَزَهُ لِلنَّاسِ لِيُعَلِّمَهُمْ آدَابَ الْعُبُودِيَّةِ»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَدِّيَ أَبَا عُمَرَ بْنَ نُجَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: «§مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا أَقَامَنِي اللَّهُ فِي حَالٍ فَكَرِهْتُهُ وَلَا نَقَلَنِي إِلَى غَيْرِهِ فَسَخِطْتُهُ»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: «§مُوَافَقَةُ الْإِخْوَانِ خَيْرٌ مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ»
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَمْدَانَ، يَقُولُ: قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: " §صَلَاحُ الْقَلْبِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: التَّوَاضُعُ لِلَّهِ وَالْفَقْرُ إِلَى اللَّهِ وَالْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ وَالرَّجَاءُ لِلَّهِ "
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: " §لَا يَكْمُلُ -[245]- الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: فِي الْمَنْعِ وَالْعَطَاءِ وَالْعِزِّ وَالذُّلِّ "
الصفحة 244