كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: حَكَى لِي عَنْ جَعْفَرَ بْنِ الزُّبَيْرِ الْهَاشِمِيِّ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ النُّورِيَّ، دَخَلَ يَوْمًا الْمَاءَ فَجَاءَ لِصٌّ فَأَخَذَ ثِيَابَهُ فَبَقِيَ فِي وَسَطِ الْمَاءِ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ اللِّصُّ وَمَعَهُ ثِيَابُهُ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَفَّتْ يَمِينُهُ فَقَالَ النُّورِيُّ: «§رَبِّ قَدْ رَدَّ عَلَيَّ ثِيَابِي فَرُدَّ عَلَيْهِ يَمِينَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ يَدَهُ وَمَضَى»
سَمِعْتُ أَبَا الْفَرَجِ الْوَرَثَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحِيمِ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى النُّورِيِّ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَأَيْتُ رِجْلَيْهِ مُنْتَفِخَتَيْنِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: " §طَالَبَتْنِي نَفْسِي بِأَكْلِ التَّمْرِ فَجَعَلْتُ أُدَافِعُهَا فَتَأْبَى عَلَيَّ فَخَرَجْتُ فَاشْتَرَيْتُ فَلَمَّا أَنْ أَكَلْتُ قُلْتُ لَهَا: قَوْمِي حَتَّى تُصَلِّيَ فَأَبَتْ فَقُلْتُ: لِلَّهِ عَلَيَّ، وَعَلَيَّ إِنْ قَعَدْتُ عَلَى الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَمَا قَعَدْتُ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ النُّورِيَّ، يَقُولُ: " §كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ شَيْءٌ فَأَخَذْتُ مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً وَقُمْتُ بَيْنَ زَوْرَقَيْنِ وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ لَئِنْ لَمْ تَخْرُجْ لِي سَمَكَةً فِيهَا ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ لَأُغْرِقَنَّ نَفْسِي، قَالَ: فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الْجُنَيْدَ فَقَالَ: كَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغَهُ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: حَكَى فَارِسٌ الْجَمَّالُ عَنِ النُّورِيِّ قَالَ: «§كَانَتِ الْمَرَاقِعُ، أَيْ خِرْقَةُ الصُّوفِيَّةِ لَمَّا لَبِسَهَا غَيْرُ أَهْلِهَا، غِطَاءً عَلَى الدُّرِّ فَصَارَتْ مَزَابِلَ عَلَى جِيَفٍ»
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -[252]- الْبَغْدَادِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ فَارِسًا الْجَمَّالَ، يَقُولُ: لَحِقَ أَبَا الْحُسَيْنِ النُّورِيَّ عِلَّةٌ وَالْجُنَيْدَ عِلَّةٌ فَالْجُنَيْدُ أَخْبَرَ عَنْ وَجْدِهِ، وَالنُّورِيُّ كَتَمَ، فَقِيلَ لِلنُّورِيِّ: لِمَ لَمْ تُخْبِرْ كَمَا أَخْبَرَ صَاحِبُكَ فَقَالَ: " §مَا كُنَّا نُبْتَلَى بِبَلْوَى فَنُوقِعَ عَلَيْهِ الشَّكْوَى، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر المجتث]
إِنْ كُنْتُ لِلسَّقَمِ أَهْلًا فَأَنْتَ لِلشُّكْرِ أَهْلَا
عَذِّبْ فَلَمْ تُبْقِ قَلْبًا يَقُولُ لِلسَّقْمِ مَهْلَا
فَأُعِيدَ عَلَى الْجُنَيْدِ ذَلِكَ فَقَالَ الْجُنَيْدُ: مَا كُنَّا شَاكِينَ وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَكْشِفَ عَنْ عَيْنِ الْقُدْرَةِ فِينَا، ثُمَّ بَدَأَ يَقُولُ:
[البحر المجتث]
أَجَلُّ مَا مِنْكَ يَبْدُو لِأَنَّهُ عَنْكَ جَلَّا
وَأَنْتَ يَا أُنْسَ قَلْبِي أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُجَلَّا
أَفْنَيْتَنِي عَنْ جَمِيعِي فَكَيْفَ أَرْعَى الْمَحِلَّا قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الشِّبْلِيَّ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
مِحْنَتِي فِيكَ أَنَّنِي لَا أُبَالِي بِمِحْنَتِي
يَا شِفَائِي مِنَ السِّقَامِ وَإِنْ كُنْتَ عِلَّتِي
تُبْتُ دَهْرًا فَمُذْ عَرَفْتُكَ ضَيَّعْتُ فِيكَ تَوْبَتِي
قُرْبُكُمْ مِثْلُ بُعْدِكُمْ فَمَتَى وَقْتُ رَاحَتِي؟

الصفحة 251