كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ أَبُو عَلِيٍّ الصُّوفِيُّ قَالَ: كَتَبَ النُّورِيُّ إِلَى الْجُنَيْدِ يَسْأَلُهُ عَنِ السِّرِّ وَوَصَفَهُ فِي شِعْرِهِ ثَلَاثَةَ أَوْصَافِ:
[البحر الطويل]
§يُنَاجِيكَ سِرُّ سَائِلٍ عَنْ ثَلَاثَةٍ ... سَرَائِرُهُمْ كَتْمٌ وَإِعْلَانُهُمْ سَتْرُ
فَتًى ضَاعَ كَتْمُ السِّرِّ بَيْنَ ضُلُوعِهِ ... عَنِ إدْرَاكِهِ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ سِرُّ
فَأَسْبَلَ أَسْتَارَ التَّخَفُّرِ صَائِنًا ... لِكُلِّ حَدِيثٍ أَنْ يَكُونَ هُوَ السِّرُّ
فَكَتَّامُ سِرٍّ مُدْرِكُ الْكَتْمِ لَمْ يَنَلْ ... سِوَى حَدِّ كَتْمِ السِّرِّ مِنْ ظَنِّهِ ذِكْرُ
فَكَاتَمَهُ الْمَكْنُونَ ثُمَّ تَكَاتَمْتَ ... جَوَانِحُهُ فَالْكُلُّ مِنْ بَثِّهِ صُفْرُ
ضَنِينٌ بِمَا يَهْوَاهُ مَا لَاحَ لَائِحٌ ... يُقَارِبُهُ إِلَّا احْتَمَى صَوْبَهَا الْفِكْرُ
وَمُكْتُتِمٌ وَافَى الضَّمَائِرَ وَامْتَطَى ... لِمُودِعِهِ جَحْدًا وَلَيْسَ بِهِ غَدْرُ
لَامَهُمْ تَاجُ الْفَخَارِ ذَكَرْتُهُ ... وَمَنْ شَرْبُهُ فِي حَالَةِ الْمَنْهَلِ الْغَمْرُ
فَقَالَ الْجُنَيْدُ: وَاللَّهِ مَا رَمَيْتُ بِسِرِّي إِلَى أَحَدِهِمَا لِأُفَضِّلَهُ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا جَذَبَنِي إِلَيْهِ وَقَدْ أَرْجَأْتُ أَمْرَهُمَا إِلَى اللَّهِ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْقَنَّادَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ النُّورِيَّ، يَقُولُ: " §رَأَيْتُ غُلَامًا جَمِيلًا بِبَغْدَادَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أُرَدِّدَ النَّظَرَ فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَلْبَسُونَ النِّعَالَ الصَّرَّارَةَ وَتَمْشُونَ فِي الطُّرُقَاتِ؟ قَالَ: أَحْسَنْتَ أَتُحْسِنُ الْعِلْمَ؟، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
تَأَمَّلْ بِعَيْنِ الْحَقِّ إِنْ كُنْتَ نَاظِرًا ... إِلَى صِفَةٍ فِيهَا بَدَائِعُ فَاطِرٍ
وَلَا تُعْطِ حَظَّ النَّفْسِ مِنْهَا لِمَا بِهَا ... وَكُنَّ نَاظِرًا بِالْحَقِّ قُدْرَةَ قَادِرِ
وَمِنْ مَسَانِيدِ حَدِيثِهِ فِيمَا أَخْبَرَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ غَالِبٍ، فِي كِتَابِهِ وَقَدْ لَقِيتُهُ وَسَمِعْتُ مِنْهُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدِّهْقَانُ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النُّورِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْبَغَوِيِّ الصُّوفِيُّ فَقُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي تَحْفَظُ عَنِ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ فَقَالَ: ثنا السَّرِيُّ عَنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، عَنِ ابْنِ السَّمَّاكِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ -[255]-، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ حَاجَةً كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ خَدَمَ اللَّهَ عُمْرَهُ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدِّهْقَانُ: فَذَهَبْتُ إِلَى السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ مَعْرُوفَ بْنَ فَيْرُوزَ يَقُولُ: خَرَجْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الزُّهَّادِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ السَّمَّاكِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، مِثْلَهُ

الصفحة 254