كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسُئِلَ عَمَّا تَنْهَى الْحِكْمَةُ؟ فَقَالَ: " §الْحِكْمَةُ تَنْهَى عَنْ كُلِّ مَا يُحْتَاجُ أَنْ يُعْتَذَرَ مِنْهُ وَعَنْ كُلِّ مَا إِذَا غَابَ عِلْمُهُ عَنْ غَيْرِكَ، أَحْشَمَكَ ذِكْرُهُ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: فَبِمَ تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ؟ -[262]- قَالَ: تَأْمُرُ الْحِكْمَةُ بِكُلِّ مَا يُحْمَدُ فِي الْبَاقِي أَثَرُهُ وَيطِيبُ عِنْدَ جُمْلَةِ النَّاسِ خَبَرُهُ وَيُؤْمَنُ فِي الْعَوَاقِبِ ضَرَرُهُ، قَالَ: فَمَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِالْحِكْمَةِ؟ قَالَ: مَنْ إِذَا قَالَ بَلَغَ الْمَدَى وَالْغَايَةَ فِيمَا يَتَعَرَّضُ لِنَعْتِهِ بِقَلِيلِ الْقَوْلِ وَيَسِيرِ الْإِشَارَةِ وَمَنْ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يُرِيدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَاضِرٌ عَتِيدٌ، قَالَ: فَبِمَنْ تَأْنَسُ الْحِكْمَةُ؟ وَإِلَى مَنْ تَسْتَرِيحُ وَتَأْوِي؟ قَالَ: إِلَى مَنِ انْحَسَمَتْ عَنِ الْكُلِّ مَطَامِعُهُ وَانْقَطَعَتْ مِنَ الْفَضْلِ فِي الْحَاجَاتِ مُطَالِبُهُ وَمَنِ اجْتَمَعَتْ هُمُومُهُ وَحَرَكَاتُهُ فِي ذَاتِ رَبِّهِ وَمَنْ عَادَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ دَهْرِهِ "
الصفحة 261