كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ يَقُولُ: «§يَا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ اجْعَلْنِي مِنْ بَعْضِ شَأْنِكَ»
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: «§الْمُرِيدُ الصَّادِقُ غَنِيٌّ عَنْ عُلُومِ الْعُلَمَاءِ، يَعْمَلُ عَلَى بَيَانٍ يَرَى وَجْهَ الْحَقِّ مِنْ وُجُوهِ الْحَقِّ وَيَتَوَقَّى وُجُوهَ الشَّرِّ مِنْ وُجُوهِ الشَّرِّ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: «§اعْتَلَلْتُ بِمَكَّةَ فَقَوِيَ عَلَيَّ فِيهَا الْوُجُودُ حَتَّى لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ»
قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ: «§مَكَثْتُ مُدَّةً طَوِيلَةً لَا يَقْدَمُ أَحَدٌ الْبَلَدَ مِنَ الْفُقَرَاءِ إِلَّا سُلِبْتُ حَالِي وَدُفِعْتُ إِلَى حَالِهِ فَأَطْلُبُهُ حَتَّى إِذَا وَجَدْتُهُ تَكَلَّمْتُ بِحَالِهِ وَكُنْتُ لَا أَرَى فِي النَّوْمِ شَيْئًا إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي الْيَقَظَةِ»
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الْعُثْمَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: «§لَيْسَ يَتَبَشَّعُ عَلَيَّ مَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنَ الْعَالَمِ؛ لِأَنِّي قَدْ أَصَّلْتُ أَصْلًا وَهُوَ أَنَّ الدَّارَ دَارُ هَمٍّ وَغَمٍّ وَبَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ وَأَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ شَرٌّ وَمِنْ حُكْمِهِ أَنْ يَتَلَقَّانِي بِكُلِّ مَا أَكْرَهُ فَإِنْ تَلَقَّانِي بِكُلِّ مَا أُحِبُّ فَهُوَ فَضْلٌ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ هُوَ الْأَوَّلُ»
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْجَهْضَمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِيَّ، يَقُولُ: وَقَفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ عَلَى الْجُنَيْدِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى}، قَالَ الْجُنَيْدُ: " §سَنُقْرِئُكَ التِّلَاوَةَ فَلَا تَنْسَى الْعَمَلَ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعراف: 169]، قَالَ: تَرَكُوا الْعَمَلَ بِمَا فِيهِ، فَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ: حَرُجَتْ أُمَّةٌ أَنْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهَا لَا تُفَوِّضُ أَمْرَهَا إِلَيْكَ، قَالَ: وَوَقَفَ الشِّبْلِيُّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فِيمَنْ وُجُودُهُ حَقِيقَةٌ لَا عِلْمٌ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَكَابِرِ النَّاسِ سَبْعُونَ قَدَمًا أَدْنَاهَا أَنْ تَنْسَى نَفْسَكَ "
حَدَّثَنَا الْجَهْضَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو الْقَاسِمِ بُرْدَانُ الْهَاوَنْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: جِئْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ السُّدِّيِّ يَوْمًا فَدَقَقْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: جُنَيْدٌ، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ مُسْتَوْفِزٌ وَكَانَ مَعِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: أَبْشِرْ فَإِنَّكَ تُفْلِحُ فَإِنِّي -[271]- احْتَجْتُ إِلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَقُلْتُ: «§اللَّهُمَّ ابْعَثْهَا إِلَيَّ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ يُفْلِحُ عِنْدَكَ»

الصفحة 270