كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: «§كَانَ يُعَارِضُنِي فِي بَعْضِ أَوْقَاتِي أَنْ أَجْعَلَ نَفْسِي كَيُوسُفَ وَأَكُونَ أَنَا كَيَعْقُوبَ فَأَحْزَنَ عَلَى نَفْسِي لِمَا فَقَدْتُ مِنْهَا كَمَا حَزِنَ يَعْقُوبُ عَلَى فَقْدِهِ لِيُوسُفَ فَمَكَثْتُ أَعْمَلُ مُدَّةً فِيمَا أَجِدُهُ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ»
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، فِي كِتَابِهِ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " §كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ السَّرِيِّ بْنِ الْمُغَلِّسِ بْنِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ مُتَّزِرٌ بِمِئْزَرٍ، وَكُنَّا خَالِيَيْنِ، فَنَظَرْتُ إِلَى جَسَدِهِ كَأَنَّهُ جَسَدٌ سَقِيمٌ دَنِفٌ مُضْنًى وَأَجْهَدُ مَا يَكُونُ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَى جَسَدِي هَذَا فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ إِنَّ مَا بِي هَذَا مِنَ الْمَحَبَّةِ كَانَ كَمَا أَقُولُ، وَكَانَ وَجْهُهُ يَصْفَرُّ ثُمَّ اشْرَأَبَّ حُمْرَةً حَتَّى تَوَرَّدَ ثُمَّ اعْتَلَّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ أَعُودُهُ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ أَشْكُو مَا بِي إِلَى طَبِيبِي؟ وَالَّذِي أَصَابَنِي مِنْ طَبِيبِي، فَأَخَذْتُ الْمِرْوَحَةَ أُرَوِّحُهُ فَقَالَ: كَيْفَ يَجِدُ رَوْحَ الْمِرْوَحَةِ مَنْ جَوْفُهُ يَحْتَرِقُ مِنْ دَاخِلٍ؟ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
الْقَلْبُ مُحْتَرِقٌ وَالدَّمْعُ مُسْتَبِقُ ... وَالْكَرْبٌ مُجْتَمِعٌ وَالصَّبْرُ مُفْتَرِقُ
كَيْفَ الْقَرَارُ عَلَى مَنْ لَا قَرَارَ لَهُ؟ ... مِمَّا جَنَاهُ الْهَوَى وَالشَّوْقُ وَالْقَلَقُ
يَا رَبِّ إِنْ كَانْ شَيْءٌ فِيهِ لِي فَرَجٌ ... فَامْنُنْ عَلَيَّ بِهِ مَا دَامَ لِي رَمَقُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُفِيدُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: «§أَعْلَى دَرَجَةِ الْكِبْرِ وَشَرُّهَا أَنْ تَرَى نَفْسَكَ، وَدُونَهَا وَأَدْنَاهَا فِي الشَّرِّ أَنْ تَخْطُرَ بِبَالِكَ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْغَلَّابَ -[274]-، يَقُولُ: قِيلَ لِلْجُنَيْدِ: هَلْ عَايَنْتَ أَوْ شَاهَدْتَ؟ قَالَ: «§لَوْ عَايَنْتُ تَزَنْدَقْتُ، وَلَوْ شَاهَدْتُ تَحَيَّرْتُ وَلَكِنْ حَيْرَةٌ فِي تِيهٍ وَتِيهٌ فِي حَيْرَةٍ»

الصفحة 273