كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: «§لَا تَكُونُ عَبْدَ اللَّهِ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَيْكَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ بَقِيَّةٌ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: «§لَا تَكُونُ عَبْدَ اللَّهِ حَقًّا وَأَنْتَ لِشَيْءٍ سِوَاهُ مُسْتَرَقًّا»
حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْإِصْطَخْرِيَّ أَبَا الْأَزْهَرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " §دَخَلْتُ الْبَادِيَةَ بِعَقْدِ التَّوَكُّلِ فِي وَسَطِ السَّنَةِ فَمَضَتْ عَلَيَّ أَيَّامٌ فَانْتَهَيْتُ إِلَى مَجْمَعِ مَاءٍ وَخُضْرَةٍ فَتَوَضَّأْتُ وَمَلَأْتُ رِكْوَتِي وَقُمْتُ أَرْكَعُ فَإِذَا بِشَابٍّ قَدْ أَقْبَلَ بِزِيِّ التُّجَّارِ كَأَنَّهُ قَدْ غَدَا مِنْ بَيْتِهِ إِلَى سُوقِهِ أَوْ يَرْجِعُ مِنْ سُوقِهِ إِلَى بَيْتِهِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ فَقُلْتُ: الشَّابُّ مُنْ أَيْنَ؟ فَقَالَ: مِنْ بَغْدَادَ، فَقُلْتُ: مَتَى خَرَجْتَ مِنْ بَغْدَادَ؟ قَالَ: أَمْسِ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ وَكُنْتُ قَدْ مَضَتْ عَلَيَّ أَيَّامٌ حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَجَلَسَ يُكَلِّمُنِي وَأُكَلِّمُهُ فَأَخْرَجَ شَيْئًا مِنْ كُمِّهِ يَأْكُلُهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَطْعِمْنِي مِمَّا تَأْكُلُ، فَوَضَعَ فِي يَدِي حَنْظَلَةً فَأَكَلْتُهُ فَوَجَدْتُ طَعْمَهُ كَالرُّطَبِ، وَمَضَى وَتَرَكَنِي فَلَمَّا دَخَلْتُ مَكَّةَ بَدَأْتُ بِالطَّوَافِ فَجَذَبَ ثَوْبِي مِنْ وَرَائِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِشَابٍّ كَالشَّنِّ الْبَالِي عَلَيْهِ قِطْعَةُ عَبَاءٍ وَعَلَى عَاتِقِهِ بَعْضُهُ فَقُلْتُ لَهُ: زِدْنِي فِي الْمَعْرِفَةِ، فَقَالَ: أَنَا الشَّابُّ الَّذِي أَطْعَمْتُكَ الْحَنْظَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ ذَرَءُونَا حَتَّى أَوْقَعُونَا، قَالُوا: اسْتَمْسِكْ "
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سُئِلَ الْجُنَيْدُ أَيُّمَا أَتَمُّ اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي الْوُجُودِ أَوِ اسْتِغْرَاقُ الْوُجُودِ فِي الْعِلْمِ؟ قَالَ: " §اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي الْوُجُودِ لَيْسَ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ كَالْوَاجِدِينَ لَهُ قَالَ: وَسَأَلَهُ الْحَرِيرِيُّ عَنْ قَوْلِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]، قَالَ: هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَعْلَمُ مَا أَنَا لَكَ عَلَيْهِ وَمَا لَكَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَا لِي عِنْدَكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي بِهِ وَأَطْلَعْتَنِي عَلَيْهِ فَهَذَا مَعْنَاهُ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ الطَّبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ يَسِينَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ، يَقُولُ: " §الْأَقْوَاتُ ثَلَاثَةٌ: فَقُوتٌ -[276]- بِالطَّعَامِ وَهُوَ مَوْلِدٌ لِلْأَعْرَاضِ، وَقُوتٌ بِالذِّكْرِ فَهَذَا يُشْمِمُهُمُ الصِّفَاتِ، وَقُوتٌ بِرُؤْيَةِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الَّذِي يَفْنَى وَيَبِيدُ، قَالَ: ثُمَّ أَنْشَدَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
إِذَا كُنْتَ قُوتَ النَّفْسِ ثُمَّ هِجَرْتَهَا ... فَلَمْ تَلْبَثِ النَّفْسُ الَّتِي أَنْتَ قُوتُهَا
الصفحة 275