كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سُئِلَ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمَحَبَّةِ، أَمِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ أَمْ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ؟ فَقَالَ: «§إِنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي مَحْبُوبِهِ بَيِّنٌ فَالْمَحَبَّةُ نَفْسُهَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ تَعَالَى مُحِبًّا لِأَوْلِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ، فَأَمَّا تَأْثِيرُهَا فِيمَنْ أَثَّرَتْ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، فَاعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللَّهُ لِلصَّوَابِ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، فِي كِتَابِهِ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: «§اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا عَظُمَتْ فِيكَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ وَامْتَلَأَ مِنْ ذَلِكَ قَلْبُكَ وَانْشَرَحَ بِالِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ صَدْرُكَ وَصَفَا لَذِكْرِهِ فُؤَادُكَ وَاتَّصَلَ بِاللَّهِ فَهْمُكَ، ذَهَبَتْ آثَارُكَ وَامْتُحِيَتْ رُسُومُكَ وَاسْتَضَاءَتِ بِاللَّهِ عُلُومُكَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو عِلْمُ الْحَقِّ»
سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدِ بْنَ الْأَعْرَابِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ، يَقُولُ: حَضَرْتُ الْجُنَيْدَ أَبَا الْقَاسِمِ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ: وَكَانَ قَاعِدًا يُصَلِّي وَيثْنِي رِجْلَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ رِجْلِهِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ حَرَكَتُهَا فَمَدَّ رِجْلَيْهِ فَرَآهُ بَعْضُ أَصْدِقَائِهِ مِمَّنْ حَضَرَ ذَلِكَ الْوَقْتَ يُقَالُ لَهُ الْبَسَّامِيُّ وَكَانَتْ رِجْلَا أَبِي الْقَاسِمِ تَوَرَّمَتَا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا الْقَاسِمِ؟ قَالَ: " §هَذِهِ نِعَمُ اللَّهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيُّ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَوِ اضْطَجَعْتَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، هَذَا وَقْتُ مِنَّةَ، اللَّهُ أَكْبَرُ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ حَالُهُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ " قَالَ الشَّيْخُ: كَانَ الْجُنَيْدُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّنْ أَحْكَمَ عِلْمَ الشَّرِيعَةِ، فَكَانَ عِنْدَهُ اقْتِبَاسُ آثَارِ الذَّرِيعَةِ، وَقَبُولُهُ الْمُدْرَجَةَ الْبَدِيعَةَ وَكَانَ الْقِيَامُ بِحَقَائِقِ الْآثَارِ يَدْفَعَهُ عَنِ الرِّوَايَةِ وَالْآثَارِ
وَمِنْ مَسَانِيدِ حَدِيثِهِ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ الْحَافِظُ بِهَا قَالَ: حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ أَحْمَدَ الصُّوفِيُّ، بِمَكَّةَ، ثنا الْجُنَيْدُ أَبُو الْقَاسِمِ الصُّوفِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§احْذَرُوا -[282]- فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنْ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ» وَقَرَأَ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]، قَالَ: لِلْمُتَفَرِّسِينَ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

الصفحة 281