كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
§أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ وَمِنْهُمُ الْعَامِلُ الَظَّرِيفُ وَالْكَامِلُ النَّظِيفُ كَانَ مُودَعُ الْقُرْآنِ شِعَارَهُ وَظَاهِرُ الْبَيَانِ دِثَارَهُ لَهُ اللِّسَانُ الْمَبْسُوطُ وَالْبَيَانُ بِالْحَقِّ مَرْبُوطٌ، أُوقِفَ عَلَى مَرَاتِبِ الْمَأْسُورِينَ وَمَقَامَاتِ أَهْلِ الْبَلَاءِ مِنَ الْمَأْخُوذِينَ فَتَمَنَّى مَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الصَّفَاءِ وَالِاعْتِلَاءِ فَعُومِلَ بِمَا تَمَنَّى مِنَ الْمِحَنِ وَالِابْتِلَاءِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَطَاءٍ
سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ صَاحِبُ الْجُنَيْدِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: صَحِبْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ عِدَّةَ سِنِينَ مُتَأَدِّبَا بِآدَابِهِ §وَكَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةٌ، وَفِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثَلَاثُ خَتْمَاتٍ وَبَقِيَ فِي خَتْمِهِ يَسْتَنْبِطُ مُودَعَ الْقُرْآنِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يَسْتَرْوِحُ إِلَى مَعَانِي مُودَعِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتِمَهَا وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ} [آل عمران: 96]، فَقَالَ فِي الْبَيْتِ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَفِي الْقَلْبِ آثَارُ رَبِّ إِبْرَاهِيمَ وَلِلْبَيْتِ أَرْكَانٌ وَلِلْقَلْبِ أَرْكَانٌ فَأَرْكَانُ الْبَيْتِ الصُّمُّ مِنَ الصُّخُورِ وَأَرْكَانُ الْقَلْبِ مَعَادِنُ النُّورِ "
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نُصَيْرٍ الرَّازِيَّ، بِنَيْسَابُورَ صَاحِبُ يُوسُفَ بْنِ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ، يَقُولُ: «§مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ آدَابَ السُّنَّةِ غَمَرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَا مَقَامَ أَشْرَفُ مِنْ مُتَابَعَةِ الْحَبِيبِ فِي أَوَامِرِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَنِيَّةً وَعَقْدًا»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ، يَقُولُ: " §قُرِنَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ بِثَلَاثٍ، قُرِنَتِ الْفِتْنَةُ بِالْمَنِيَّةِ وَقُرِنَتِ الْمِحْنَةُ بِالِاخْتِيَارِ، وَقُرِنَتِ الْبَلْوَى بِالدَّعَاوَى، وَسُئِلَ: إِلَامَ تَسْكُنُ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ؟ قَالَ: إِلَى قَوْلِهِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ -[303]- الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]؛ لِأَنَّ فِي بِسْمِ اللَّهِ هَيْبَتُهُ، وَفِي اسْمِهِ الرَّحْمَنِ عَوْنُهُ وَنُصْرَتُهُ، وَفِي اسْمِهِ الرَّحِيمِ مَوَدَّتُهُ وَمَحَبَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي فِي لَطَافَتِهَا فِي هَذِهِ الْأَسَامِي فِي غَوَامِضِهَا "
الصفحة 302