كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الطَّبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الدِّمَشْقِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْجَلَّاءِ، يَقُولُ: " §قُلْتُ لِأَبِي وَأُمِّي: أُحِبُّ أَنْ تَهَبَانِي لِلَّهِ، قَالَا: قَدْ وَهَبْنَاكَ لِلَّهِ فَغِبْتُ عَنْهُمَا مُدَّةً فَرَجَعْتُ مِنْ غَيْبَتِي وَكَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ فَدَقَقْتُ عَلَيْهِمَا الْبَابَ فَقَالَا: مَنْ؟ قُلْتُ: وَلَدُكُمَا قَالَا: كَانَ لَنَا وَلَدٌ فَوَهَبْنَاهُ لِلَّهِ وَنَحْنُ مِنَ الْعَرَبِ لَا نَرْجِعُ فِيمَا وَهَبْنَا، وَمَا فَتَحَا لِيَ الْبَابَ "
§ابْنُ أَبِي الْوَرْدِ وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ، وَقِيلَ أَحْمَدُ، فَمِنْ جِلَّةِ الْمَشَايخِ وَكِبَارِهِمْ، صَحِبَ بِشْرًا الْحَافِي، وَالْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيَّ، وَسَرِيًّا السَّقَطِيَّ، مَحِلُّهُ فِي الْوَرَعِ مُحِلُّ شُيُوخِهِ وَأَئِمَّتِهِ
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبِي الْوَرْدِ: «§بِسَاطُ الْمَجْدِ بُسِطَ لِلْأَوْلِيَاءِ لِيَأْنَسُوا بِهِ وَلِيَرْفَعَ عَنْهُمْ حِشْمَةَ بَدِيهَةَ الْمُشَاهَدَةِ، وَبِسَاطُ الْهَيْبَةِ بُسِطَ لِلْأَعْدَاءِ لِيَسْتَوْحِشُوا مِنْ قَبَائِحِ أَفْعَالِهِمْ وَلَا يُشَاهِدُوا مَا يَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهِ فِي الْمَشْهَدِ الْأَعْلَى»
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْوَرْدِ: " §وَصَلَ الْقَوْمُ بِخَمْسٍ: بِلُزُومِ الْبَابِ وَتَرْكِ الْخِلَافِ، وَالنَّفَاذِ فِي الْخِدْمَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائِبِ وَصِيَانَةِ الْكَرَامَاتِ، وَقَالَ: إِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ إِذَا أَزَادَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ زَادَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ إِذَا زَادَ جَاهُهُ زَادَ تَوَاضُعُهُ وَإِذَا زَادَ مَالُهُ زَادَ سَخَاؤُهُ، وَإِذَا زَادَ عُمْرُهُ زَادَ اجْتِهَادُهُ وَكَانَ يَقُولُ: طَرْحُ الدُّنْيَا إِلَى الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَعَنِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهَا مِنْ عَمَلِ الْأَكْيَاسِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَزَفَتْ نَفْسُهُ عَنْ مَحَبَّةِ الدُّنْيَا أَحَبَّهُ أَهْلُ الْأَرْضِ وَمَنْ أَعْرَضَ بِقَلْبِهِ عَنْ مَحَبَّةِ الدُّنْيَا أَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ "

الصفحة 315