كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي طَاهِرٌ الْمَقْدِسِيُّ لِبَعْضِهِمْ:
[البحر المتقارب]
§أُرَاعِي النُّجُومَ وَلَا عِلْمَ لِي ... بَعْدَ النُّجُومِ بِحَيْثُ الظَّلَامْ
وَكَيْفَ يَنَامُ فَتًى لَا يَنَامُ ... إِذَا نَامَ عَنْهُ عُيونُ الْحِمَامْ
أَسِيرٌ يَسِيرُ إِلَيْهِ هَوَاهُ ... فَيَضْحَى الْأَسِيرُ قَتِيلَ الْغَرَامْ
فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوَى اسْمِهِ ... يقَالُ لَهُ عَاشِقٌ وَالسَّلَامْ
بِفَرْطِ التَّحَوُّلِ وَحُبِّ القَلِيلِ ... وَحُزْنٍ مُذِيْبٍ بِطُولِ السِّقَامِ
وَقَالَ طَاهِرٌ: " §الْمَفَاوِزُ عَنْهُ مُنْقَطِعَةٌ وَالطَّرِيقُ إِلَيْهِ مُنْطَمِسَةٌ تَوِّقْ مِنْ عُلَالَاتِهِ وَاحْذَرْ أَمَاكِنَ الِاتِّصَالِ؛ فَإِنَّهَا خُدَعٌ وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ تَسْلَمْ، وَأَنْشَدَ:
[البحر الطويل]
وَكَذَّبْتُ طَرْفِي فِيكَ وَالطَّرْفُ صَادِقٌ ... وَأَسْمَعْتُ أُذُنِي فِيكَ مَا لَيْسَ تَسْمَعُ
وَلَمْ أَسْكَنِ الْأَرْضَ الَّتِي تَسْكُنُونَهَا ... لِكَيْ لَا يَقُولُوا: إِنَّنِي بِكَ مُولَعُ
فَلَا كَبِدِي تَهْدَأُ وَلَا لَكَ رَحْمَةٌ ... وَلَا عَنْكَ إِقْصَارٌ وَلَا فِيكَ مَطْمَعُ
سَمِعْتُ مُحَمَّدًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ طَاهِرٌ الْمَقْدِسِيُّ: «§لَوْ عَرَفَتِ النَّاسُ قَدْرَ أَنْوَارِ الْعَارِفِينَ لَاحْتَرَقُوا فِي أَنْوَارِهِمْ، وَلَوْ بَدَا لِأَهْلِ الْأَحْوَالِ لَاحْتَرَقَتْ أَحْوَالُهُمْ»
سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبُسْرِيُّ: " §سَأَلْتُ رَجُلًا بِاللِّكَامِ: مَا الَّذِي أَجْلَسَكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ قَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ عَنْ شَيْءٍ إِنْ طَلَبْتَهُ لَمْ تُدْرِكْهُ وَإِنْ لَحِقْتَهُ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِي مَا هُوَ؟ قَالَ: عِلْمِي بِأَنَّ مُجَالَسَتِي مَعَ اللَّهِ تَسْتَغْرِقُ نَعِيمَ الْجِنَّانِ كُلِّهَا، ثُمَّ قَالَ: أَوِّهْ قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ نَفْسِيَ قَدْ ظَفِرَتْ وَمِنَ الْخَلْقِ هَرَبَتْ فَإِذَا أَنَا كَذَّابٌ فِي مَقَامِي لَوْ كُنْتُ مُحِبًّا لَهُ صَادِقًا مَا يَطَّلِعْ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَقُلْتُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُحِبِّينَ خُلَفَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَسْتَأْنِسُونَ بِخَلْقِهِ يَبْعَثُونَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ؟ قَالَ: فَصَاحَ بِي -[319]- صَيْحَةً، وَقَالَ: يَا مَخْدُوعُ، لَوْ شَمَمْتَ رَائِحَةَ الْحُبِّ وَعَايَنَ قَلْبُكَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْبِ مَا احْتَجْتَ أَنْ تَرَى فَوْقَ مَا رَأَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا سَمَاءُ، وَيَا أَرْضُ، اشْهَدَا عَلَيَّ أَنَّهُ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِي ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَطُّ إِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَأَمِتْنِي، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ لَهُ كَلَامًا بَعْدَهَا، فَخِفْتُ أَنْ يَسْبِقَ إِلَيَّ الظَّنُّ مِنَ النَّاسِ فِي قَتْلِهِ فَتَرَكْتُهُ وَمَضَيْتُ فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِجَمَاعَةٍ فَقَالُوا: مَا فَعَلَ الْفَتَى؟ فَكَنَّيْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: ارْجِعْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبَضَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُمْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ وَمَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: وَيْحَكَ هَذَا رَجُلٌ كَانَ بِهِ يُمْطَرُ الْمَطَرُ قَلْبُهُ عَلَى قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، أَمَا رَأَيْتَهُ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ ذِكْرَ النَّارِ مَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِهِ قَطُّ فَهَلْ كَانَ أَحَدٌ هَكَذَا إِلَّا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قُلْتُ: فَمَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ السَّبْعَةُ الْمَخْصُوصُونَ مِنَ الْأَبْدَالِ، قُلْتُ: عَلِّمُونِي شَيْئًا، قَالُوا: لَا تُحِبَّ أَنْ تُعْرَفَ وَلَا تُحِبَّ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّكَ مِمَّنْ لَا يُحِبُّ أَنْ يُعْرَفَ " قَالَ الشَّيْخُ: كَذَا حَدَّثَنَاهُ الْعُثْمَانِيُّ، عَنِ الْبُسْرِيِّ

الصفحة 318