كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

§أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْمُعَمَّرَينَ، صَحِبَ عَلِيَّ بْنَ رَزِينٍ قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَبْرُهُ بِجَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ عِنْدَ قَبْرِ أُسْتَاذِهِ عَلِيِّ بْنِ رَزِينٍ، كَانَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ لَهُ النُّكَتُ الْوَثِيقَةُ وَالِاسْتِغَاثَةُ عَلَى الطَّرِيقَةِ
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ دِينَارٍ الدَّيْنَوَرِيَّ بِمَكَّةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَيْبَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيَّ، يَقُولُ: " §أَهْلُ الْخُصُوصِ مَعَ اللَّهِ عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ: قَوْمٌ ضَنَّ بِهِمْ عَنِ الْبَلَاءِ لِكَيْلَا يَسْتَغْرِقَ الْبَلَاءُ صَبْرَهُمْ فَيَكْرَهُونَ حُكْمَهُ وَيَكُونُ فِي صُدُورِهِمْ حَرَجٌ مِنْ قَضَائِهِ، وَقَوْمٌ ضَنَّ بِهِمْ عَنْ مُجَاوَرَةِ الْعُصَاةِ لِتَسْلَمَ صُدُورُهُمْ لِلْعَالَمِ فَيَسْتَرْبِحُونَ وَلَا يَغْتَمُّونَ، وَقَوْمٌ صَبَّ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءَ صَبًّا فَصَبَّرَهُمْ وَرَضَّاهُمْ فَازْدَادُوا بِذَلِكَ لَهُ حُبًّا وَرِضًا بِحُكْمِهِ، وَلَهُ عِبَادٌ مَنَحَهُمْ نِعَمًا تُجَدَّدُ عَلَيْهِمْ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ بَاطِنَ الْعِلْمِ وَظَاهِرَهُ وَأَحْمَلَ ذِكْرَهُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِمَارَةُ الْأَوْقَاتِ فِي الْمُوَافَقَاتِ، وَكَانَ يَقُولُ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَرْجِعُ إِلَى مُسْتَنَدٍ فِي الْكَوْنِ غَيْرِ الِالْتِجَاءِ إِلَى مَنْ إِلَيْهِ فَقْرُهُ لِيُغْنِيَهُ بِالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ كَمَا عَزَّزَهُ بِالِافْتِقَارِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: أَعْظَمُ النَّاسِ ذُلًّا فَقِيرٌ دَاهَنَ غَنِيًّا أَوْ تَوَاضَعَ لَهُ، وَأَعْظَمُ الْخَلْقِ عِزًّا غَنِيٌّ تَذَلَّلَ لِفَقِيرٍ أَوْ حَفِظَ حُرْمَتَهُ، وَقَالَ: الرَّاضُونَ بِالْفَقْرِ هُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ بِهِمْ يُدْفَعُ الْبَلَاءُ عَنِ الْخَلْقِ "
وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْوَرْثَانِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ:
[البحر البسيط]
§يَا مَنْ يَعُدُّ الْوِصَالَ ذَنْبًا ... كَيْفَ اعْتِذَارِي مِنَ الذُّنُوبِ
إِنْ كَانَ ذَنْبِي إِلَيْكَ حُبِّي ... فَإِنِّي مِنْهُ لَا أَتُوبُ

الصفحة 335