كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

وَحَكَى عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ قَالَ: حَضَرَتْ أَبَا يَعْقُوبَ الزَّيَّاتَ وَقَالَ لِمُرِيدٍ: " §تَحْفَظُ الْقُرْآنَ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: وَاغَوْثَاهُ بِاللَّهِ مُرِيدٌ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كَأُتْرُجَّةٍ لَا رِيحَ لَهَا فَبِمَ يَتَنَغَّمُ؟ فَبِمَ يَتَرَنَّمُ؟ فَبِمَ ينَاجِي رَبَّهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَيْشَ الْعَارِفِينَ سَمَاعُ النَّغَمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ؟ "
§أَبُو جَعْفَرٍ الْكَتَّانِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَتَّانِيُّ، كَانَ بِذِكْرِهِ مُتَنَعِّمًا وَلَسَاعَاتِهِ مُغْتَنِمًا جَاوَرَ الْحَرَمَ سِنِيْنَ، وَمُكِّنَ مِنَ الْخِدْمَةِ لِلْمَقَامِ الْمَكِينِ
سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيَّ، يَحْكِي , عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَفِيفٍ، وَأَخْبَرَنِيهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْكَتَّانِيَّ: كَمْ مَرَّةً رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ؟ فَقَالَ: " §كَثِيرٌ، فَقُلْتُ: يَكُونُ أَلْفَ مَرَّةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: فَتِسْعُمِائَةٍ؟ فَقَالَ: لَا قُلْتُ: فَثَمَانمِائَةِ مَرَّةٍ؟ فَقَالَ: لَا قُلْتُ: فَسَبْعُمِائَةِ مَرَّةٍ؟ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا أَيْ قَرِيبًا مِنْهُ وَكَانَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ خَتْمَةٌ يَخْتِمُهَا مَعَ الزَّوَالِ، وَالْمُؤَذِّنُونَ يُؤَذِّنُونَ لِلظُّهْرِ إِذَا خَتَمَ، فَصَعِدَ غُرْفَتَهُ يَوْمًا لِلتَّطَهُّرِ وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَوَقَعَ فِي الْمُسْتَحَمِّ وَانْكَسَرَ رِجْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِالْقَوِيِّ فَيَصِيحُ فَتَأَخَّرَ رُجُوعُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى كَادَتِ الصَّلَاةُ يَفُوتُ وَقْتُهَا فَتَعَرَّفَ الْمُؤَذِّنُونَ وَالْمُجَاوِرُونَ حَالَهُ فَصَعِدُوا غُرْفَتَهُ فَوَجَدُوهُ قَدِ انْكَسَرَ رِجْلُهُ فَأَصْلَحُوا مِنْ شَأْنِهِ وَنَظَّفُوهُ وَنَزَلُوا بِهِ حَتَّى صَلَّى فَمَنَعَتْهُ عِلَّتُهُ عَنْ زِيَارَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَخَرَجَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ زَائِرًا فَدَفَعَ إِلَيْهِ رُقْعَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يُلْقِيَهَا فِي الْقَبْرِ فَافْتَقَدَ صَاحِبُهُ الرُّقْعَةَ مِنْ جَيْبِهِ فَرَأَى مِنْ لَيْلَتِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَوْمِهِ وَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ وَصَلَتِ الرُّقْعَةُ وَقَدْ عَذَرْنَاكَ "
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ هَمَّامَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْكَتَّانِيَّ، يَقُولُ: " §إِنِّي لَأَعْرِفُ مَنِ اشْتَكَتْ عَيْنُهُ فَاعْتَقَدَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ نَفْسِهِ وَمَصَالِحِهِ أَوْ تَبْرَأَ عَيْنُهُ فَعُوفِيَ فَهَتَفَ بِهِ هَاتِفٌ فَقَالَ: يَا هَذَا، لَوْ عَقَدْتَ هَذَا الْعِقْدَ فِي الْمُذْنِبِينَ الْمُوَحِّدِينَ أَنْ لَا يُعَذَّبُوا لَعُفِيَ عَنْهُمْ وَرُحِمُوا، فَانْتَبَهَ فَإِذَا عَيْنُهُ صَحِيحَةٌ لَيْسَ بِهَا عِلَّةٌ "

الصفحة 343