كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَطَاءٍ، يَقُولُ: قِيلَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيِّ: مَتَى يَسْقُطُ عَنِ الْعَبْدِ ثِقَلُ الْمُعَامَلَةِ؟ فَقَالَ: " §هَيْهَاتَ مَا مِنْهَا بُدٌّ وَلَكِنْ يَقَعُ الْحَمْلُ فِيهَا، وَكَانَ يَقُولُ: أَدَلُّ الْأَشْيَاءِ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: مُلْكُهُ الظَّاهِرُ، ثُمَّ تَدْبِيرُهُ فِي مُلْكِهِ، ثُمَّ كَلَامُهُ الَّذِي يَسْتَوْفِي كُلَّ شَيْءٍ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيَّ، يَقُولُ: " §قِوَامُ الْأَدْيَانِ وَدَوَامُ الْإِيمَانِ وَصَلَاحُ الْأَبْدَانِ فِي خِلَالٍ ثَلَاثٍ: الِاكْتِفَاءُ وَالِاتِّقَاءُ وَالِاحْتِمَاءُ، فَمَنِ اكْتَفَى بِاللَّهِ صَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ وَمَنِ اتَّقَى مَا نُهِيَ عَنْهُ اسْتَقَامَتْ سِيرَتُهُ وَمَنِ احْتَمَى مَا لَمْ يوَافِقْهُ ارْتَاضَتْ طَبِيعَتُهُ، فَثَمَرَةُ الِاكْتِفَاءِ صَفُوُ الْمَعْرِفَةِ، وَعَاقِبَةُ الِاتِّقَاءِ حُسْنُ الْخَلِيقَةِ، وَغَايَةُ الِاحْتِمَاءِ اعْتِدَالُ الطَّبِيعَةِ "
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيُّ: " §مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِهِ يُوَصِّلُهُ إِلَى مَأُّمولِهِ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى فَقَدْ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ»، فَمَا لَا يُنَجِّي مِنَ الخَوْفِ كَيْفَ يَبْلُغُ إِلَى الْمَأْمُولِ؟ وَمَنْ صَحَّ اعْتِمَادُهُ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ فَذَلِكَ الَّذِي يُرْجَى لَهُ الْوُصُولُ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيِّ: كُنْتُ عَلَى بِسَاطِ الْأُنْسِ فَفَتَحَ لِي الطَّرِيقَ إِلَى البَسْطِ فَزَلَلْتُ زَلَّةً فَحُجِبْتُ عَنْ مَقَامِي فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ دُلَّنِي عَلَى الوُصُولِ إِلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَبَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ: " يَا أَخِي، §الْكُلُّ فِي قَهْرِ هَذِهِ اللَّحْظَةِ لَكِنْ أُنْشِدُكَ أَبْيَاتًا لِبَعْضِهِمْ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
قِفْ بِالدِّيَارِ فَهَذِهِ آثَارُهُمْ ... تَبْكِي الْأَحِبَّةَ حَسْرَةٌ وَتَشَوُّقَا
كَمْ قَدْ وَقَفْتُ بِهَا أَسَائِلُ مُخْبِرًا ... عَنْ أَهْلِهَا أَوْ صَادِقًا أَوْ مُشْفِقَا
فَأَجَابَنِي دَاعِي الْهَوَى فِي رَمْسِهَا ... فَارَقْتَ مَنْ تَهْوَى فَعَزَّ الْمُلْتَقَى

الصفحة 348