كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

§ابْنُ الْفُرْغَانِيِّ وَمِنْهُمُ الْوَاسِطِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْفُرْغَانِيِّ، صَحِبَ الْجُنَيْدَ وَالنُّورِيَّ وَانْتَقَلَ إِلَى خُرَاسَانَ وَسَكَنَ مَرْوَ، عَالِمٌ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أَلْفَاظُهُ بَدِيعَةٌ وَإِشَارَاتُهُ رَفِيعَةٌ كَانَ يَقُولُ: ابْتُلِينَا بِزَمَانٍ لَيْسَ فِيهِ آدَابُ الْإِسْلَامِ وَلَا أَخْلَاقُ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا أَحْلَامَ ذَوِي الْمُرُوءَةِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاعِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى بْنِ الْفُرْغَانِيِّ الْوَاسِطِيَّ بِمَرْوَ يَقُولُ: " §شَاهِدْ بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ إِيَّاكَ وَلَا تَشْهَدْهُ بِمُشَاهَدَتِكَ لَهُ قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْأُسْرُ عَلَى وُجُوهٍ: أَسِيرُ نَفْسِهِ وَشَهْوَتِهِ وَأَسِيرُ شَيْطَانِهِ وَهَوَاهُ وَأَسِيرُ مَا لَا مَعْنَى لَهُ لَحِظَهُ أَوْ لَفِظَهُ هُمُ الْفُسَّاقُ، وَمَا دَامَ لِلشَّوَاهِدِ عَلَى الْأَسْرَارِ أَثَرٌ وَلِلْأَعْرَاضِ عَلَى الْقَلْبِ خَطَرٌ فَهُوَ مَحْجُوبٌ بَعِيدٌ مِنْ عَيْنِ الْحَقِيقَةِ، مَا تَوَرَّعَ الْمُتَوَرِّعُونَ وَلَا تَزَهَّدَ الْمُتَزَهِّدُونَ إِلَّا لِعَدَمِ الْأَعْرَاضِ فِي سَرَائِرِهِمْ فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا أَدَبًا أَوْ تَوَرَّعَ عَنْهَا ظَرْفًا فَذَلِكَ الصَّادِقُ فِي وَرَعِهِ وَالْحَكِيمُ فِي آدَابِهِ وَقَالَ: أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ مَنْ سَتَرَ الْحَقُّ حَقِيقَةَ حَقِّهِ عَنْهُ، وَقَالَ: الْحُبُّ يُوجِبُ شَوْقًا وَالشَّوْقُ يُوجِبُ أُنْسًا فَمَنْ فَقَدَ الشَّوْقَ وَالْأُنْسَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُحِبٍّ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ عَلِيٍّ الْسَيَّارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ خَالِيَ أَبَا الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْوَاسِطِيَّ، يَقُولُ: «§كَائِنَاتٌ مَحْتُومَةٌ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ وَأَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ اعْتِرَاضُ السَّرِيرَةِ لَهَا رُعُونَةٌ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْوَاسِطِيَّ، يَقُولُ: " §الرِّضَا وَالسُّخْطُ نَعْتَانِ مِنْ نُعُوتِ الْحَقِّ بِجَرَيَانٍ عَلَى الْأَبَدِ بِمَا جَرَيَا فِي الْأَزَلِ يُظْهِرَانِ الْوَسْمَيْنِ عَلَى الْمَقْبُولِينَ وَالْمَطْرُودِينَ، فَقَدْ بَانَتْ شَوَاهِدُ الْمَقْبُولِينَ بِضِيَائِهَا عَلَيْهِمْ كَمَا بَانَتْ شَوَاهِدُ الْمَطْرُودِينَ بِظُلْمَتِهَا عَلَيْهِمْ، فَأَنَّى تَنْفَعُ مَعَ ذَلِكَ الْأَلْوَانُ الْمُصَفَّرَةُ وَالْأَكْمَامُ الْمُقَصَّرَةُ وَالْأَقْدَامُ الْمُنْتَفِخَةُ، وَقَالَ: كَيْفَ يَرَى لِلْفَضْلِ فَضْلًا مَنْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرًا "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْوَاسِطِيَّ، يَقُولُ: " §الذَّاكِرُونَ فِي ذِكْرِهِ -[350]- أَكْثَرُ غَفْلَةً مِنَ النَّاسِينَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ سِوَاهُ، وَكَانَ يَقُولُ: مُطَالَعَةُ الْأَعْوَاضِ عَلَى الطَّاعَاتِ مِنْ نِسْيَانِ الْفَضْلِ، وَحَيَاةُ الْقُلُوبِ بِاللَّهِ بَلْ بِإِبْقَاءِ الْقُلُوبِ مَعَ اللَّهِ بَلِ الْغِيبَةُ عَنِ اللَّهِ بِاللَّهِ "

الصفحة 349