كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَبْهَرِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ يَقُولُ إِذَا لَاحَظَ كَرَمَهُ: " §إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ تَوْحِيدٌ لَمْ يَعْجَزْ عَنْ هَدْمِ مَا قَبْلَهُ مِنْ كُفْرٍ وَلَا يَعْجَزُ عَنْ مَحْقِ مَا بَعْدَهُ مِنْ ذَنْبٍ، وَكَانَ يَقُولُ: مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَنْجُوَ مِنْهُ بِعَمَلِكَ فَإِلَى حُبِّكَ لَهُ تُشِيرُ وَقَالَ: ذَنْبٌ يَظْهَرُ بِهِ كَرَمُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَمَلٍ يَظْهَرُ بِهِ شَرَفِي وَقَالَ: قَوْمٌ سَأَلُوا اللَّهَ بِأَلْسِنَةِ الْأَعْمَالِ، وَقَوْمٌ سَأَلُوهُ بِأَلْسِنَةِ الرَّحْمَةِ فَكَمْ بَيْنَ مَنْ سَأَلَ رَبَّهُ بِرَبِّهِ وَبَيْنَ مَنْ رَجَا رَبَّهُ بِعَمَلِهِ وَلَيْسَ مَنْ رَجَا رَبَّهُ بِجُودِهِ كَمَنْ رَجَا رَبَّهُ بِنَفْسِهِ وَكَانَ يَقُولُ: مَا قَدْرُ طَاعَةٍ نُقَابِلُ بِهَا نِعَمَهُ وَمَا قَدْرُ ذُنُوبٍ نُقَابِلُ بِهَا كَرَمَهُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ ذُنُوبُنَا فِي كَرَمِهِ أَقَلَّ مِنْ طَاعَتِنَا فِي نِعَمِهِ إِذْ لَا يُذْنِبُ الْعَبْدُ مِنَ الذُّنُوبِ مَا يَغْمُرُ بِهِ عَفْوَ مَوْلَاهُ "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ طَاهِرٍ، يَقُولُ: " §فِي الْمِحَنِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: تَطْهِيرٌ وَتَكْفِيرٌ وَتَذْكِيرٌ، فَالتَّطْهِيرُ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالتَّكْفِيرُ مِنَ الصَّغَائِرِ وَالتَّذْكِيرُ لِأَهْلِ الصَّفَا "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: حَضَرْتُ مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ طَاهِرٍ جِنَازَةً فَرَأَى بَعْضَ إِخْوَانِ الْمَيِّتِ يُكْثِرُونَ الْبُكَاءَ فَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنْشَدَ:
[البحر الطويل]
§وَيَبْكِي عَلَى الْمَوْتَى وَيَتْرُكُ نَفْسَهُ ... وَيَزْعُمُ أَنْ قَدْ قَلَّ عَنْهُمْ عَزَاؤُهُ
وَلَوْ كَانَ ذَا رَأْيٍ وَعَقْلٍ وَفِطْنَةٍ ... لَكَانَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهِمْ بُكَاؤُهُ
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ طَاهِرٍ: «§مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ شَقَّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْأَهْوَالِ وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ رُكُوبُ الْأَهْوَالِ لَا يَرْتَقِي إِلَى سُمُوِّ الْمَعَالِي فِي الْأَحْوَالِ»
§أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَمِنْهُمُ الْمُطَوِّعِيُّ أَبُو بَكْرِ بْنُ عِيسَى الْأَبْهَرِيُّ، كَانَ مِنَ الْمُفَوَّضِينَ وَتَعْلُو -[353]- أَحْوَالُهُ عَلَى السَّالِكِينَ وَالسَّائِحِينَ

الصفحة 352