كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

ذَكَرَ لِي فِيمَا أَرَى أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ الْأَبْهَرِيِّ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ طَاهِرٍ الْأَبْهَرِيَّ، حَضَرَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عِيسَى الْأَبْهَرِيَّ وَهُوَ فِي النَّزْعِ فَقَالَ لَهُ: أَحْسِنْ بِرَبِّكَ الظَّنَّ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ مُقْبِلًا عَلَيْهِ فَقَالَ: «لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا الْكَلَامُ؟ §إِنْ تَرَكَنَا عَبَدْنَاهُ وَإِنْ دَعَانَا أَجَبْنَاهُ»
§أَبُو الْحَسَنِ الصَّائِغُ وَمِنْهُمْ أَبُو الْحَسَنِ الصَّائِغُ الدَّيْنَوَرِيُّ سَكَنَ مِصْرَ، كَانَ فِي الْمُعَامَلَةِ مُخْلِصًا وَعَنِ النَّظَرِ إِلَى سِوَى الْحَقِّ مُعْرِضًا
سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْقَلَانِسِيَّ، يَقُولُ فِيمَا حَكَى لَنَا عَنِ الرَّقِّيِّ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ كَانَ يَقُولُ: " §حُكْمُ الْمُرِيدِ أَنْ يَتَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ: أَوْلَاهُمَا تَرْكُ نَعِيمِهَا وَنُضْرَتِهَا وَمَطَاعِمَهَا وَمَشَارِبَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ غُرُورِهَا وَفُضُولِهَا، وَالثَّانِيَةُ إِذَا أَقْبَلَ النَّاسُ عَلَيْهِ مُبَجِّلِينَ لَهُ مُكْرِمِينَ لِتَرْكِهِ لِلدُّنْيَا أَنْ يَزْهَدَ فِي النَّاسِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ فَلَا َيُخَالِطُ أَهْلَ الدُّنْيَا وَأَبْنَاءَهَا فَإِنَّ إِقْبَالَ النَّاسِ عَلَيْهِ وَتَبْجِيلَهُمْ لَهُ لِتَرْكِهِ فُضُولَ الدُّنْيَا إِذَا سَكَنَ إِلَيْهِمْ وَلَاحَظَهُمْ فَذَلِكَ ذَنْبٌ عَظِيمٌ وَفِتْنَةٌ عَاجِلَةٌ وَكَانَ يَقُولُ: مِنْ فَسَادِ الطَّبْعِ التَّمَنِّي وَالْأَمَلُ وَكَانَ يَقُولُ: الْمَعْرِفَةُ رُؤْيَةُ الْمِنَّةِ مِنَ اللهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْعَجْزُ عَنْ أَدَاءِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَالتَّبَرُّؤُ مِنَ الْحَوْلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ "
§مِمْشَادٌ الدَّيْنَوَرِيُّ وَمِنْهُمُ الدَّيْنَوَرِيُّ مِمْشَادٌ حَارِسُ هِمَّتِهِ الْعَالِيَةِ وَغَارِسُ خَطَرَاتِهِ الْآتِيَةِ
سَمِعْتُ 75247 أَبِي يَقُولُ وَكَانَ قَدْ لَقِيَهُ وَشَاهَدَهُ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " §الْهِمَّةُ مُقَدِّمَةُ الْأَشْيَاءِ فَمَنْ صَلُحَتْ لَهُ هِمَّتُهُ وَصَدَقَ فِيهَا صَلُحَ لَهُ مَا وَرَاءَهَا مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ وَكَانَ يَقُولُ: أَحْسَنُ النَّاسِ حَالًا مَنْ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ رُؤْيَةَ الْخَلْقِ وَكَانَ صَافِيَ الْخَلَوَاتِ لِسِرِّهِ رَاعِيًا، وَاعْتَمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ كَافِيًا وَاثِقًا بِضَمَانِهِ وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ جَمَعْتَ حِكْمَةَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَادَّعَيْتَ أَحْوَالَ السَّادَّةِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّادِقِينَ لَنْ تَصِلَ إِلَى دَرَجَاتِ الْعَارِفِينَ حَتَّى يَسْكُنَ سِرُّكَ إِلَى اللَّهِ وَتَثِقَ بِهِ فِيمَا ضَمِنَ لَكَ وَكَانَ يَقُولُ: مَا أَقْبَحَ الْغَفْلَةَ -[354]- عَنْ طَاعَةِ مَنْ لَا يَغْفُلُ عَنْ بِرِّكَ، وَمَا أَقْبَحَ الْغَفْلَةَ عَنْ ذِكْرِ مِنْ لَا يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِكَ "

الصفحة 353