كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورٍ , سَمِعْتُ عَبِيدًا يَقُولُ: قَالَ أَبُو يَزِيدَ: «§طَلَّقْتُ الدُّنْيَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا بَتَاتًا لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَصِرْتُ إِلَى رَبِّي وَحْدِي فَنَادَيْتُهُ بِالِاسْتِغَاثَةِ إِلَهِي أَدْعُوكَ دُعَاءَ مَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ غَيْرُكَ , فَلَمَّا عَرَفَ صِدْقَ الدُّعَاءِ مِنْ قَلْبِي وَالْإِيَاسَ مِنْ نَفْسِي كَانَ أَوَّلُ مَا وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ إِجَابَةِ هَذَا الدُّعَاءِ أَنْ أَنْسَانِي نَفْسِي بِالْكُلِّيَّةِ وَنَصَبَ الْخَلَائِقَ بَيْنَ يَدَيَّ مَعَ إِعْرَاضِي عَنْهُمْ»
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَابَانَ , ثنا عُمَرُ الْبِسْطَامِيُّ , عَنْ أَبِي مُوسَى , عَنْ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: «إِنَّ §فِي الطَّاعَاتِ مِنَ الْآفاتِ مَالَا تَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى أَنْ تَطْلُبُوا الْمَعَاصِي»
حَدَّثَنَا عُمَرُ , ثنا عُبَيْدٌ , ثنا أَحْمَدُ , ثنا عُمَرُ , عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ أَبُو يَزِيدَ: «§مَا دَامَ الْعَبْدُ يَظُنُّ أَنَّ فِيَ الْخَلْقِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ فَهُوَ مُتَكَبِّرٌ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ مُوسَى بْنَ عِيسَى يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ أَبُو يَزِيدَ: " §عَمِلْتُ فِي الْمُجَاهَدَةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنَ الْعِلْمِ وَمُتَابَعَتِهِ وَلَوْلَا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ لَتَعِبْتُ , وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ إِلَّا فِي تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ , وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ: لَا يَعْرِفُ نَفْسَهُ مَنْ صَحِبَتْهُ شَهْوَتُهُ وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ: الْجَنَّةُ لَا خَطَرَ لَهَا عِنْدَ الْمُحِبِّينَ , وَأَهْلُ الْمَحَبَّةِ مَحْجُوبُونَ بِمَحَبَّتِهِمْ "
وَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ مِقْسَمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ امْرَأَةَ أَبِي يَزِيدَ الْبِسْطَامِيِّ تَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ يَقُولُ: «§عَالَجْتُ كُلَّ شَيْءٍ فَمَا عَالَجْتُ أَصْعَبَ مِنْ مُعَالَجَةِ نَفْسِي وَمَا شَيْءٌ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْهَا»
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ امْرَأَةَ أَبِي يَزِيدَ , تَقُولِ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ يَقُولُ: «§دَعَوْتُ نَفْسِي إِلَى اللَّهِ فَأَبَتْ عَلَيَّ وَاسْتَصْعَبَتْ فَتَرَكْتُهَا وَمَضَيْتُ إِلَى اللَّهِ»
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا عُمَرُ عَنْ أَبِي مُوسَى , عَنْ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: " §أَشَدُّ الْمَحُجُوبِينَ عَنِ اللَّهِ , ثَلَاثَةٌ بِثَلَاثَةٍ فَأَوَّلُهُمُ الزَّاهِدُ -[37]- بِزُهْدِهِ وَالثَّانِي الْعَابِدُ بِعِبَادَتِهِ وَالثَّالِثُ الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ ثُمَّ قَالَ: مِسْكِينٌ الزَّاهِدُ قَدْ أَلْبَسَ زُهْدَهُ وَجَرى بِهِ فِي مَيْدَانِ الزُّهَّادِ وَلَوْ عَلِمَ الْمِسْكِينُ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا سَمَّاهَا اللَّهُ قَلِيلًا فَكَمْ مَلَكَ مِنَ الْقَلِيلِ وَفِي كَمْ زَهِدَ مِمَّا مَلَكَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الزَّاهِدَ هُوَ الَّذِي يُلْحَظُ إِلَيْهِ بِلُحْظَةٍ فَيَبْقَى عِنْدَهُ ثُمَّ لَا تَرْجِعُ نَظْرَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ وَلَا إِلَى نَفْسِهِ , وَأَمَّا الْعَابِدُ فَهُوَ الَّذِي يَرَى مِنَّةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْعِبَادَةِ حَتَّى تُعْرَفَ عِبَادَتُهُ فِي الْمِنَّةِ , وَأَمَّا الْعَالِمُ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّ جَمِيعَ مَا أَبْدَى اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ سَطْرٌ وَاحِدٌ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَكَمْ عَلِمَ هَذَا الْعَالِمُ مِنْ ذَلِكَ السَّطْرِ وَكَمْ عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ لَأَدْرَكَ حَقَارَتَهُ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ يُذْكَرُ بِالنِّسْبَةِ لِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ "

الصفحة 36