كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ أَبَا طَاهِرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: «§إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ عِنْدَ النَّاظِرِينَ فِي صُنْعِهِ مَفْقُودٌ عِنْدَ النَّاظِرِينَ فِي ذَاتِهِ»
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: «§التَّصَوُّفُ لَا حَالَ يُقِلُّ وَلَا سَمَاءَ يُظِلُّ»
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُفِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَأَقْبَلَ يَوْمًا عَلَى الشِّبْلِيِّ يَقُولُ: «§حَرَامٌ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنْ كَلَّمْتَ أَحَدًا فَإِنَّ الْخَلْقَ غَرْقَى عَنِ اللَّهِ وَأَنْتَ غَرِقٌ فِي اللَّهِ»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]، قَالَ: " §يَمْحُو مَا يَشَاءُ مِنْ شُهُودِ الْعُبُودِيَّةِ وَأَوْصَافِهَا وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ مِنْ شَوَاهِدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَدَلَائِلِهَا وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، فَقَالَ: كُلُّ مَا دُونَ اللَّهِ لَغْوٌ وَكَانَ يَقُولُ: حِفْظُ الْأَسْرَارِ صَوْنُهَا عَنْ رُؤْيَةِ الْأَغْيَارِ وَكَانَ يَقُولُ: الْغِيرَةُ غَيْرَتَانِ: غِيرَةُ الْبَشَرِيَّةِ وَغِيرَةُ الْأُلُهِيَّةِ عَلَى الْوَقْتِ أَنْ يُضَيِّعَ فِيمَا سِوَى اللَّهِ "
أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَضَرْتُ وَفَاةَ الشِّبْلِيِّ فَأُمْسِكَ لِسَانُهُ وَعَرِقَ جَبِينُهُ فَأَشَارَ إِلَى وُضُوءِ الصَّلَاةِ فَوَضَّأْتُهُ وَنَسِيتُ التَّخْلِيلَ تَخْلِيلَ لِحْيَتِهِ فَقَبَضَ عَلَى يَدَيَّ وَأَدْخَلَ أَصَابِعِي فِي لِحْيَتِهِ يُخَلِّلُهَا فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ يِتَهَيَّأُ أَنْ يُقَالَ لِرَجُلٍ §لَمْ يَذْهَبْ عَلَيْهِ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ نُزُوعِ رُوحِهِ وَإِمْسَاكِ لِسَانِهِ وَعَرَقِ جَبِينِهِ؟ "
سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ بُنْدَارَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: " §وَكَانَ أَكْثَرُ اقْتِرَاحِ الْجُنَيْدِ عَلَى الْقَوَّالِينَ هَذِهِ الْأَبْيَاتُ:
[البحر الطويل]
فَلَوْ أَنَّ لِيَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... ثَمَانِينَ بَحْرًا مِنْ دُمُوعٍ تَدْفُقُ
لَأَفْنَيْتُهَا حَتَّى ابْتَدَأْتُ بِغَيْرِهَا ... وَهَذَا قَلِيلٌ لِلْفَتَى حِينَ يَعْشَقُ
أَهِيمُ بِهِ حَتَّى الْمَمَاتِ لِشِقْوَتِي ... وَحَوْلِي مِنَ الْحُبِّ الْمُبَرِّحِ خِنْدَقُ
وَفَوْقِي سَحَابٌ تُمْطِرُ الشَّوْقَ وَالْهَوَى ... وَتَحْتِي عُيُونٌ لِلْهَوَى تَتَدَفَّقُ

الصفحة 371