كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: " §مَا أَحْوَجَ النَّاسِ إِلَى سَكْرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، أَيُّ سَكْرَةٍ؟ فَقَالَ: سَكْرَةٌ تُغْنِيهِمْ عَنْ مُلَاحَظَةِ أَنْفُسِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَتَحْسَبُنِي حَيًّا وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ... وَبَعْضِي مِنَ الْهُجْرَانِ يَبْكِي عَلَى بَعْضِ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلِيَّ، يَقُولُ: " وَاللَّهِ §مَا أَعْطَيْتُ فِيهِ الرِّشْوَةَ قَطُّ وَلَا رَضِيتُ بِسَوَاهُ وَلَقَدْ تَاهَ عَقْلِي فِيهِ وَرُبَّمَا قَالَ: غُلِبَتْ ثَمَانِيَ وَعِشْرِينَ مَرَّةً حَتَّى قِيلَ لِي مَجْنُونُ لَيْلَى فَرَضِيتُ ثُمَّ أَنْشَدَ:
[البحر البسيط]
قَالُوا جُنِنْتَ عَلَى لَيْلَى فَقُلْتُ لَهُمُ ... الْحُبُّ أَيْسَرُهُ مَا بِالْمَجَانِينِ
ثُمَّ أَنْشَدَ وَقَالَ:
[البحر الطويل]
جُنِنَّا عَلَى لَيْلَى وَجُنَّتْ بِغَيْرِنَا ... وَأُخْرَى بِنَا مَجْنُونَةٌ لَا نُرِيدُهَا
ثُمَّ أَنْشَدَ:
وَلَوْ قُلْتَ طَأْ فِي النَّارِ بَادَرْتُ نَحْوَهَا ... سُرُورًا لِأَنِّي قَدْ خَطَرْتُ بِبَالِكَا
ثُمَّ أَنْشَدَ:
[البحر المتقارب]
سَأَلْبِسُ لِلصَّبْرِ ثَوْبًا جَمِيلَا ... وَأُدْرِجُ لِيَلِيَ لَيْلًا طَوِيلَا
وَأَصْبِرُ بِالرُّغْمِ لَا بِالرِّضَا ... أُعَلِّلُ نَفْسِي قَلِيلًا قَلِيلَا
ثُمَّ أَنْشَدَ وَقَالَ:
[البحر المنسرح]
تَنَقَّبْ وَزُرْ فَقُلْتُ لَهُمْ ... أَشْهَرُ مَا كُنْتُ حِينَ أَنْتَقِبُ
فَإِنْ عَرَفُونِي وَأَثْبَتُوا صِفَتِي ... أَصْبَحْتُ دُرًّا وَالدُّرُّ يُنْتَهَبُ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، يَقُولُ: حَضَرْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلِيَّ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37]، فَقَالَ: " §لِمَنْ كَانَ اللَّهُ قَلْبَهُ، وَأَنْشَدَ:
[البحر الخفيف]
لَيْسَ مِنِّي قَلْبٌ إِلَيْكَ مُعَنَّى ... كُلُّ عُضْوٍ مِنِّي إِلَيْكَ قُلُوبُ
وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 8] إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ} [القيامة: 12]، فَلَحِقُوا فَهُمْ مَا أَشَارَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَتَى يَصِحُّ ذَا؟ قَالَ: إِذَا كَانَتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ حُلْمًا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقَظَةً، وَأَنْشَدَ:
[البحر الوافر]
دَعِ الْأَقْمَارَ تَغْرُبُ أَوْ تُنِيرُ ... لَنَا بَدْرٌ تِذِلُّ لَهُ الْبُدُورُ
لَنَا مِنْ نُورِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ... ضِيَاءٌ مَا تُغَيِّرُهُ الدُّهُورُ
أَنْشَدَنِي مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ -[373]- الشَّاذَابِيُّ الْمُقْرِئُ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ: مَزَّقْتَ وَأَبْلَيْتَ كُلَّ مَلْبُوسِكَ وَالْعِيدُ قَدْ أَقْبَلَ وَالنَّاسُ يَتَزَيَّنُونَ وَأَنْتَ هَكَذَا فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
§قَالُوا: أَتَى الْعِيدُ مَاذَا أَنْتَ لَابِسُهُ؟ ... فَقُلْتُ خُلْعَةُ سَاقٍ حُبَّهُ جَزَعَا
فَقَرَّ وَصَبْرُهُمَا ثَوْبَانِ تَحْتَهُمَا ... قَلْبٌ يَرَى إِلْفَهَ الْأَعْيَادَ وَالْجُمَعَا
الدَّهْرُ لِي مَأْتَمٌ إِنْ غِبْتَ يَا أَمَلِي ... وَالْعِيدُ مَا كُنْتَ لِي مَرْأًى وَمُسْتَمَعَا
أَحْرَى الْمَلَابِسِ مَا تَلْقَى الْحَبِيبَ بِهِ ... يَوْمَ التَّزَاوُرِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي خَلَعَا
الصفحة 372