كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)
§أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سَعْدَانَ وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَعْدَانَ بَغْدَادِيُّ الْأَصْلِ، كَانَ ذَا لِسَانٍ وَبَيَانٍ كَانَ فِي عُلُومِ الشَّرْعِ أَحَدَ الْأَعْلَامِ، يُنْتَحَلُ لِلشَّافِعِيِّ وَلَهُ فِي عِلْمِ الْعُمَّالِ وَالْعُبَّادِ اللِّسَانُ الشَّافِي أَقَامَ بِطَرَسُوسَ مُدَّةً فَبُعِثَ رَسُولًا إِلَى الرُّومِ لِكَمَالِ حَالِهِ وَبَيَانِهِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَعْدَانَ، يَقُولُ: «§مِنْ عَمِلَ بِعِلْمِ الرِّوَايَةِ وَرِثَ عِلْمَ الدِّرَايَةِ، وَمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِ الدِّرَايَةِ وَرِثَ عِلْمَ الرِّعَايَةِ وَمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِ الرِّعَايَةِ هُدِيَ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ»
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَعْدَانَ، يَقُولُ: " §الصَّابِرُ عَلَى رَجَائِهِ لَا يَقْنَطُ مِنْ فَضْلِهِ وَمَنْ سَمِعَ بِأُذُنِهِ حَكَى وَمَنْ سَمِعَ بِقَلْبِهِ وَعَظَ، وَمَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ هُدِيَ وَاهْتَدَى وَقَالَ: أَوَّلُ قِسْمَةٍ قُسِمَتْ لِلنَّفَسِ مِنَ الْخَيْرَاتِ الرَّوْحُ لِيَتَرَوَّحَ بِهِ مِنْ مُسَاكَنَةِ الِاغْتِرَارِ ثُمَّ الْعِلْمُ لِيَدُلَّهُ عَلَى رُشْدِهِ، ثُمَّ الْعَقْلُ لِيَكُونَ مُشِيرًا لِلْعِلْمِ إِلَى دَرَجَاتِ الْمَعَارِفِ، وَمُشِيرًا لِلنَّفَسِ إِلَى قَبُولِ الْعِلْمِ، وَصَاحِبًا لِلرُّوحِ فِي الْجَوَلَانِ فِي الْمَلَكُوتِ "
§أَبُو الْخَيْرِ الْأَقْطَعُ وَمِنْهُمْ أَبُو الْخَيْرِ الْأَقْطَعُ التِّيتَاتِيُّ لَهُ الْآيَاتُ، تُوُفِّيَ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ، كَانَ السِّبَاعُ وَالْهَوَامُّ يَأْنَسُونَ بِمُجَالَسَتِهِ وَيَأْوُونَ إِلَيْهِ، كَانَ يَنْسُجُ الْخُوصَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْخَيْرِ، يَقُولُ: «§مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَطَّلِعَ، النَّاسُ عَلَى عَمَلِهِ فَهُوَ مُرَاءٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَطَّلِعَ النَّاسُ عَلَى حَالِهِ فَهُوَ كَذَّابٌ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ جَدِّي إِسْمَاعِيلَ بْنَ نُجَيْدٍ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَى أَبِي الْخَيْرِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ يَتَكَلَّمُونَ بِشَطْحِهِمْ بِحَضْرَتِهِ، فَضَاقَ صَدْرُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ فَخَرَجَ فَجَاءَ السَّبْعُ فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ سَاكِتِينَ وَتَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ فَدَخَلَ أَبُو الْخَيْرِ فَقَالَ: يَا سَادَتِي -[378]-، §أَيْنَ تِلْكَ الدَّعَاوَى وَكَانَ يَقُولُ: مَا بَلَغَ أَحَدٌ حَالَةً شَرِيفَةً إِلَّا بِمُلَازَمَةِ الْمُوَافَقَةِ، وَمُعَانَقَةِ الْأَدَبِ، وَأَدَاءِ الْفَرِيضَةِ، وَمَحَبَّةِ الصَّالِحِينَ، وَخَدَمِهِ الْفُقَرَاءِ الصَّادِقِينَ وَكَانَ يَقُولُ: الْقُلُوبُ ظُرُوفٌ فَقَلْبٌ مَمْلُوءٌ إِيمَانًا وَعَلَامَتُهُ الشَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَالِاهْتِمَامُ بِمَا يُهِمُّهُمْ وَمُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى مَصَالِحِهِمْ، وَقَلْبٌ مَمْلُوءٌ نِفَاقًا وَعَلَامَتُهُ الْحِقْدُ وَالْغِلُّ وَالْغِشُّ وَالْحَسَدُ "
الصفحة 377