كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْخَيْرِ الْأَقْطَعَ، يَقُولُ: «§إِنَّ الذَّاكِرَ لَا يَقُومُ لَهُ فِي ذِكْرِهِ عِوَضٌ فَإِذَا قَامَ لَهُ الْعِوَضُ خَرَجَ مِنْ ذِكْرِهِ»
سَمِعْتُ مِنَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ أَبَا الْخَيْرِ أَنَّ سَبَبَ قَطْعِ يَدِهِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ بِشَهْوَةِ نَفْسِهِ شَيْئًا مُشْتَهِيًا، فَرَأَى يَوْمًا بِجَبَلِ اللِّكَامِ شَجَرَةَ زَعْرُورٍ فَاسْتَحْسَنَهَا فَقَطَعَ مِنْهَا غُصْنًا فَتَنَاوَلَ مِنْهَا شَيْئًا مِنَ الزَّعْرُورِ فَذَكَرَ عَهْدَهُ وَتَرَكَهُ ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: «§قَطَعْتُ غُصْنًا فَقُطِعَ مِنِّي عُضْوٌ»
§أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ الْبَصْرِيُّ صَاحَبَ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيَّ، وَحَفِظَ كَلَامَهُ سَلَكَ مَسْلَكَ أُسْتَاذِهِ سَهْلٍ وَابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ، أَدْرَكْتُهُ وَلَهُ أَصْحَابٌ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: " مَنْ عَامَلَ اللَّهَ عَلَى رُؤْيَةِ السَّبْقِ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ الْكَرَامَاتِ وَكَانَ يَقُولُ: تُزَالُ عَنِ الْقَلْبِ ظُلَمُ الرِّيَاءِ بِالْإِخْلَاصِ وَظُلَمُ الْكَذِبِ بِنُورِ الصِّدْقِ وَمَنْ صَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ نَفْسِهِ أَوْصَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَقَامِ أُنْسِهِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ سَالِمٍ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَنَحْنُ مُسْتعَبَدُونَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِالتَّوَكُّلِ؟ فَقَالَ: " §التَّوَكُّلُ حَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْكَسْبُ سُنَّتُهُ، وَاسْتَنَّ الْكَسْبَ لِلضُّعَفَاءِ عَنْ حَالِ التَّوَكُّلِ، وَنَزَلَ عَنْ دَرَجَةِ الْكَمَالِ الَّتِي هِيَ حَالُهُ فَمَنْ أَطَاقَ التَّوَكُّلَ فَغَيْرُ مُبَاحٍ لَهُ كَسْبٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَمَنْ ضَعُفَ عَنِ التَّوَكُّلِ أُبِيحَ لَهُ طَلَبُ الْمَعَاشِ فِي كَسْبِهِ لِئَلَّا يَسْقُطَ عَنْ دَرَجَةِ سُنَّتِهِ حَيْثُ سَقَطَ عَنْ -[379]- دَرَجَةِ حَالِهِ وَكَانَ يَقُولُ: رُؤْيَةُ الْمِنَّةِ مِفْتَاحُ التَّوَدُّدِ وَقَالَ: يَسْتُرُ عَوْرَاتِ الْمَرْءِ عَقْلُهُ وِحِلْمُهُ وَسَخَاؤُهُ، وَيُقَوِّمُهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ الصِّدْقُ "

الصفحة 378