كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 10)

§أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الدَّيْنَوَرِيُّ وَمِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، صَحِبَ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ وَلَقِيَ رُوَيْمًا وَأَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ عَطَاءٍ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ الطُّوسِيَّ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّيْنَوَرِيُّ: " §مُكَاشَفَاتُ الْأَعْيَانِ بِالْأَبْصَارِ، وَمُكَاشَفَاتُ الْقُلُوبِ بِالِاتِّصَالِ وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ أَدْنَى الذِّكْرِ أَنْ يَنْفِيَ مَا دُونَهُ وَنِهَايَةَ الذِّكْرِ أَنْ يَغِيبَ الذَّاكِرَ فِي الذِّكْرِ عَنِ الذِّكْرِ، وَيَسْتَغْرِقَ بِمَذْكُورِهِ عَنِ الرُّجُوعِ إِلَى مَقَامِ الذِّكْرِ وَهَذَا حَالُ فَنَاءِ الْفِنَاءِ وَكَانَ يَقُولُ: لِلَّهِ عِبَادٌ لَمْ يَسْتَصْلِحْهُمْ لِمَعْرِفَتِهِ فَشَغَلَهُمْ بِخِدْمَتِهِ وَلَهُ عِبَادٌ لَمْ يَسْتَصْلِحْهُمْ لِخِدْمَتِهِ فَأَهْمَلَهُمْ، وَكَانَ يَقُولُ: لَا بَلَاغَ إِلَى مَرَاتِبِ الْأَخْيَارِ إِلَّا بِالصِّدْقِ وَكُلُّ وَقْتٍ وَحَالٍ خَلَا عَنِ الصِّدْقِ فَبَاطِلٌ وَكَانَ يَقُولُ: الْمُحِبُّ اخْتَارَ الْمَكْرُوهَ وَالْأَثْقَالَ لِرِضَا مَحْبُوبِهِ يَبْتَغِي لِذَلِكَ رِضَاهُ وَهُوَ غَايَةُ الْمُنَى وَأَنْشَدُوا:
[البحر الطويل]
رَأَيْتُكَ يُدْنِينِي إِلَيْكَ تَبَاعُدِي ... فَبَاعَدْتُ نَفْسِي لِابْتِغَاءِ التَّقَرُّبِ
§أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَحْمَدَ الرُّوذْبَارِيُّ لَهُ مِنْ فُنُونِ الْعِلْمِ الْحَظُّ الْجَزِيلُ تُوُفِّيَ بِصُورَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَرَدَ عَلَيْنَا نَعْيُهُ وَأَنَا مُقِيمٌ بِمَكَّةَ
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: حَضَرْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَطَاءٍ §وَسُئِلَ عَنِ الْقَبْضِ وَالْبَسْطِ، وَحَالِ مَنْ قُبِضَ وَنَعْتِهِ وَحَالِ مَنْ بُسِطَ وَنَعْتِهِ، فَقَالَ: " الْقَبْضُ أَوَّلُ أَسْبَابِ الْفِنَاءِ، وَالْبَسْطُ أَوَّلُ أَسْبَابِ الْبَقَاءِ، فَحَالُ مَنْ قُبِضَ الْغِيبَةُ، وَحَالُ مَنْ بُسِطَ الْحُضُورُ، وَنَعْتُ مَنْ قُبِضَ الْحُزْنُ، وَنَعْتُ مَنْ بُسِطَ السُّرُورُ وَكَانَ يَقُولُ: الذَّوْقُ أَوَّلُ الْمُوَاجِيدِ فَأَهْلُ الْغَيْبَةِ إِذَا شَرِبُوا طَاشُوا، وَأَهْلُ الْحُضُورِ إِذَا شَرِبُوا عَاشُوا "
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الطُّوسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا -[384]- عَبْدِ اللَّهِ الرُّوذْبَارِيَّ، يَقُولُ: " §رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِي: أَيُّ شَيْءٍ أَصَحُّ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقُلْتُ: صِحَّةُ الْقَصْدِ، فَسَمِعْتُ هَاتِفًا، يَقُولُ: رُؤْيَةُ الْمَقْصُودِ بِإِسْقَاطِ رُؤْيَةِ الْقَصْدِ أَتَمُّ وَكَانَ يَقُولُ: مُجَالَسَةُ الْأَضْدَادِ ذَوَبَانُ الرُّوحُ، وَمُجَالَسَةُ الْأَشْكَالِ تَلْقِيحٌ لِلْعُقُولِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمُجَالَسَةِ يَصْلُحُ لِلْمُؤَانَسَةِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْمُؤَانَسَةِ يُؤْمَنُ عَلَى الْأَسْرَارِ وَلَا يُؤْمَنُ عَلَى الْأَسْرَارِ إِلَّا الْأُمَنَاءُ فَقَطْ وَكَانَ يَقُولُ: الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ عَلَامَةُ الْفَلَاحِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] "

الصفحة 383